14 سبتمبر 2025
تسجيللاشك أن مؤتمر شرم الشيخ الذي سوّق له النظام الحاكم على أنه الحل السحري لمشكلات مصر وأنه المنقذ لها من كل الأزمات هو مؤتمر الفشل الاقتصادي وهو _ في نظري_ آخر سهم في جيب الحاوي بعد أن اختبر كل الاتجاهات وحاول في كل المجالات أن يجد سبيلا لتكريس حكمه وتدعيم انقلابه. فالمؤتمر.. بكل مكوناته وطريقة إخراجه يؤكد أننا أمام مسرحية سياسية تشبه إلى حد كبير مسرحية الزعيم!! وأن علاقتها بالاقتصاد هي علاقة تبعية فالهدف الأساسي للمؤتمر هو التسويق للانقلاب على أساس أن عدد الوفود تدل على مدى الشرعية التي اكتسبها الانقلاب.. والحقيقة أنه لو كانت الشرعية تقاس بعدد الوفود لكانت ديكتاتورية مبارك وماركوس وشاوشيكو هي الأكثر شرعية!!والمؤتمر..الذي عقد في شرم الشيخ تلك المدينة الارستقراطية والتي يرتادها رجال أعمال نظام مبارك ومبارك نفسه بشكل منتظم ويحرم على الفقراء دخولها.. لم يكن لها أن تتذكر معاناة ساكني المقابر الذين بلغ عددهم 6 ملايين مصري ولا أن تجهد نفسها لتخطط للتخفيف من معاناتهم فضلا عن سكان عشش الصفيح بل والعشوائيات التي بلغ سكانها 8 ملايين مصري يعيش 3 ملايين منهم في القاهرة وحدها !!والمؤتمر.. الذي كان رموزه هم رجال أعمال مبارك وأهم تصريحاته ومصطلحاته هي تلك التي كانت تتردد طوال عصر مبارك، والذي بلغ معدل التنمية في عصره 7% ومع ذلك كانت دائرة الفقر تتسع في عصره بشكل مطرد، هو نسخة مكررة من مؤتمرات مبارك الاقتصادية التي بدأت منذ عام 1982م ولما بدأت تظهر مؤشرات نجاحها بعد عشرين عاما اكتشف الجميع أنها لا تصب إلا في جيوب ديناصورات المال والأعمال الذين كوّنوا أضخم شبكة فساد عرفتها مصر وكانوا أهم شركاء النظام في إفساد الحياة السياسية وكانوا بالفعل هم داعمي الانقلاب ورعاته حتى استعادوا مكانتهم مرة أخرى واستعادت معهم الديكتاتورية أزهى عصورها.والمؤتمر.. الذي يخطط لعاصمة جديدة هي في الحقيقة عاصمة أمنية أو منطقة خضراء جديدة تستوعبه أمنيا وكل رموز حكمه وطبقة المفسدين وحاشيتهم.. لم يفكر في خطط عاجلة لإنقاذ الملايين من أطفال الشوارع (والذين بلغوا الآن أكثر من 3 ملايين طفل) قبل أن ينفق كل هذه الأموال فى بناء الناطحات والملاهي القياسية عالميا إلا إذا كان يريد أن يحصد الأرقام القياسية في كل شيء، فكما أن أننا نمتلك أعلى ناطحة سحاب وأكبر ملهى في العالم فإننا أيضا نمتلك رقما عالميا في تعداد أطفال الشوارع!!والمؤتمر.. الذي لم يتعرض لمشكلات سيناء المزمنة والتي هي بحاجة للتنمية أكثر من حاجتها لطائرات الأباتشي، وبحاجة للإعمار أكثر من حاجاتها للنسف والتدمير نجده خاضعا للخطوط الحمراء الإسرائيلية التي تحرّم وتجرّم كل أشكال الاقتراب من عملية التنمية في سيناء في ذات الوقت التي تحبذ استمرار الصراع مع أهلها وزيادة معدلات القتلى بدلا من معدلات التنمية.والمؤتمر.. لم يكشف لنا عن خططه أو استثماراته للحد من معدلات المرض القياسية في مصر (الفيروس؛ سي 10 ملايين- وأمراض القلب؛ 250 ألف سمصاب نويا- والسرطانات 200 ألف مصاب سنويا) ولا معدلات الأمية الخيالية (30% من الشعب) ولا أعداد القتلى جراء حوادث الطرق والتي بلغت الرقم العالمي الأول بلا منافس!!