15 سبتمبر 2025

تسجيل

كيف خطط الاحتلال لتهجير فلسطينيي غزة؟

21 فبراير 2024

أعلن وزيرا الأمن القومي والمالية الإسرائيليان، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، مطلع العام 2024 دعمهما لـ «التهجير الطوعي للفلسطينيين» من قطاع غزة. وقال وزير الأمن القومي زعيم حزب «القوة اليهودية» اليميني المتطرف إيتمار بن غفير: «يجب علينا تعزيز الحل لتشجيع هجرة سكان غزة، فهذا هو الحل الصحيح والعادل والأخلاقي والإنساني». وأضاف: «لدينا شركاء حول العالم يمكننا مساعدتهم (باستيعاب المهاجرين)»، دون ذكر أسماء هذه الدول. يتحدث قادة الاحتلال اليوم عن خطط للتهجير القسري والطوعي من غزة ومع أننا نعتقد أن العقلية الصهيونية لا تنفك عن التفكير في تهجير السكان الأصليين من أرضهم بشكل عام فقد كان هناك خطط لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة بشكل خاص وقد تم اتباع العديد من الطرق التي أتت بنتائج عكسية على الاحتلال، وقد كشف عن ذلك الكاتب الإسرائيلي عمري ربيب في فصل في كتاب غزة صورة ومكان بعنوان مكان ينبغي إخلاؤه من السكان: غزة 1967 – 1969. ومن الطرق التي عمل الاحتلال عليها هي العمل على إخراج فئة الشباب من غزة سواء بغرض العمل أو بغرض الدراسة وقد عملت على زيادة الظروف الطاردة اقتصاديا وأمنيا وتسهيل وتشجيع خروج الشباب من غزة وقد ركزت على الشباب المثقف والمتعلم والذي يمتلك وعيا سياسيا عاليا، وكان الهدف من ذلك تفريغ القطاع من هذه الشريحة تمهيدا لضمه والسيطرة عليه عسكريا دون تقديم أي تنازل عسكري. كانت المبادرة الأولى لتشجيع سكان غزة على مغادرة القطاع قد أتت في تموز 1967 من قبل موشيه ديان والغريب أن الوجهة كانت الضفة الغربية حيث شجع ديان الرحلات بين غزة والضفة لفتح أعين سكان غزة على مستوى الحياة في الضفة وبالطبع كان هذا أيضا أملا في تحرك السكان لاحقا إلى الأردن كما شجعوا عمل ودراسة فلسطينيي الضفة وغزة في الأردن. وفي ذات السياق كان هناك تشجيع للعمل في أريحا التي تبعد بضعة كيلومترات عن معبر الكرامة إلى الأردن. على الجانب الآخر كان القائد العسكري لغزة مردخاي غور يعمل بشكل مواز ليشعر الناس أن المستقبل في غزة مظلم وكان حريصا أن يشعر الناس باليأس بخصوص مستقبلهم. في 1968 في عهد ليفي اشكول الذي وجد أن نقل سكان غزة للضفة ليس مفيدا وأن تفريقهم من غزة إلى خارج فلسطين هو أفضل ولذلك قام بتشكيل لجان سرية تبحث عن وجهات محتملة لهجرة الغزيين وتسهيل ذلك وكانت البرازيل من هذه الدول. ومع ذلك تعقدت عملية الانتقال إلى الأردن بسبب تبعات معركة الكرامة ولم يعد الناس مهتمين بالانتقال من غزة إلى الأردن. وكانت سياسة مردخاي في غزة تفشل لأنه كلما زاد التضييق الاقتصادي لم يغادر الناس بل زاد الانضمام إلى حركات المقاومة خاصة تلك التي وفرت ولو دعما قليلا لمنتسبيها. وبالتالي بدأ مردخاي غور يفكر في سياسة تنمية اقتصادية لإبعاد الناس عن المقاومة المسلحة. ثم بدأ الاحتلال يدعم انتقال خريجي غزة لإكمال دراستهم في مصر وكان ديان يرى أن معظمهم لن يعودوا وبعد أن يتعلموا التجارة سيبقون في الخارج ولكن قام الاحتلال بقرار إلغاء امتحانات الثانوية المصرية لاعتراضه على المناهج مما أوقف قبول الطلبة الفلسطينيين في الجامعات المصرية كما أن مشاركة بعض الفلسطينيين في مظاهرات ضد خطط السادات للسلام مع الاحتلال جعلته يوقف استقبال الطلبة الفلسطينيين. قدم الموساد بعد ذلك مقترحات لنقل سكان غزة إلى أمريكا الجنوبية واتفقوا مع الباراغواي لاستيعاب 60 ألف لاجئ فلسطيني للعمل لأربع سنوات وتشجيع الحصول على جنسية البلد وتم كذلك العمل مع البرازيل والأرجنتين وأوروغواي. ولكن بدلا من ذلك قام شباب فلسطينيون في باراغواي بمهاجمة السفارة الإسرائيلية. لقد باءت كل خطط التهجير بالفشل فتلك التي كانت إلى الأردن عززت حركة فتح في الأردن وتلك الطاردة في غزة حولت السكان نحو المقاومة وإلى يومنا هذا لم تتراجع دولة الاحتلال عن خطط إفراغ قطاع غزة من سكانه ومؤخرا بعد الحصار الخانق من 2007 إلى 2023 لم ينجح الحصار بل كان عدد الذين يغادرون غزة متقاربا مع عدد الذين يعودون إليها واليوم برغم أطنان القنابل لا يزال الفلسطيني متجذرا في أرضه بل إن صموده يعزز فكرة حق العودة لدى أجيال ولدت وعاشت هي وآباؤها خارج فلسطين.