13 سبتمبر 2025

تسجيل

في المصالحة الفلسطينية.. هل السلطة طرف ثان أم ثالث !؟

21 فبراير 2013

القناة الثانية في تلفزيون العدو ذكرت خبرا قبل أيام كان يمكن أن يكون عاديا وأن يندرج في مكائد العدو وتخابثاته ضد المقاومة وضد المصالحة الفلسطينية.. لولا أن طرفا بعينه من متحدثي السلطة استغلوه لاستهداف سمعة المقاومة ولمحاولة تبرير تهرؤاتهم به، ولولا أن استهدافهم هذا يأتي في سياق حملة لتعكير أجواء المصالحة الفلسطينية. الخبر بسيط وطبيعي ومفاده حسب تلفزيون العدو "أن مفاوضات - عبر الوسيط المصري - جرت في القاهرة بين وفد أمني صهيوني ووفد آخر من حركة حماس لتخفيف الحصار على غزة"؛ وإلى هنا انتهى الخبر الذي لم يذكر البناية أو الطابق الذي عقدت فيه المفاوضات ولا قرب أو بعد ما بين اللقاءات أو النتائج التي خلص إليها. السيد "خليل الحية" عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" من جهته تناول هذا الحدث يوم السبت الماضي "16 فبراير" فأكد أن حركته قدمت للجانب المصري تقريرا بالخروقات والاعتداءات الصهيونية المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير في قطاع غزة مشفوعا بالوثائق والتوقيتات، وأن وفد حركته التقى مسؤولين "مصريين" لتقييم تطبيق بنود الاتفاق مع إسرائيل.. ثم أضاف: "سمعنا من الإعلام أنه كان هناك في القاهرة وفد إسرائيلي ونحن ننتظر نتائج هذا اللقاء من الجانب المصري".  أقول: بالنظر للخبر ولنفيه من جهة حماس يتضح أن مفاوضات "غير مباشرة" وعبر الوسيط قد حدثت، وأنه لم يتفق على اعتبارها مفاوضات ففي حين تريد إسرائيل أن تروج لها ويحاول متحدثو السلطة أن يستهدفوا منها المقاومة – عدوهم اللدود – لا تعتبرها حماس مفاوضات لأنها مجرد مخاطبات للجانب المصري وأن حماس حتى غير متأكدة من وجود الوفد الصهيوني في ذات الوقت في مصر. في هذه الحدود جاء الخبر وجاء الرد عليه، وهذه حدود موقف المقاومة.. وهو موقف - كما نرى - ضروري إذ لا بد أن تقدم المقاومة اعتراضاتها ورفضها للخروقات الصهيونية ولا بد أن تقدم رؤيتها وتهديداتها لمنع تكرارها ولا بد أن توقف الجانب المصري الضامن لاتفاق وقف النار على مسؤولياته؛ فما العيب في ذلك وما الحرج وما النقد!؟ اللهم إلا أن يكون ذلك قد أغاظ العدو وهو أمر مفهوم من عدو تعود أن ينقض الاتفاقات وأن يتخلى عن الالتزامات دون معقب لحكمه ولا حتى لائم!! واللهم أيضا إلا من فئة لا تعجبها نجاحات حماس وأداءاتها في المفاوضات كما أداءاتها في المقاومة.. أما من جهتنا فالمفترض بل الواجب والمطلوب أن تفعل حماس ما فعلت؛ وإلا فهل عليها أن تلتقي العدو ومفاوضيه وجها لوجه كما تفعل السلطة بسبب وبدون سبب؟ أم أن عليها أن توكل بحقوقها ومفاوضاتها السلطة التي لم تشارك في وضع الاتفاق أصلا فضلا عما وصف مفاوضيها به الإرهابي "شمعون بيريس" رئيس الكيان عندما شبه قربهم منه وتوافقهم معه في جولات المفاوضات السابقة بأنه كان كمن يفاوض نفسه!؟ العجيب والمدهش بل المضحك إلى حد القهقهة أن يأتي نقد هذه المفاوضات "غير المباشرة" ليس حركة الجهاد الإسلامي ولا الأحرار ولا كتائب المقاومة.. ولكن من نفر عودونا أن يدافعوا عن شعار "المفاوضات حياة، والحياة مفاوضات" والعجيب أن يصروا على وصف ما تم عبر الوسيط المصري بـ"المفاوضات المباشرة" وأن يتخيلوا لها طابقا ووقتا تمت فيه، وأن يزرعوا في الخبر من ألأكاذيب ما استغلوه بشكل بائس ساذج بعد ذلك.. ثم ليخلصوا أخيرا إلى أن حماس خانت القضية، وأنه لم يعد من حقها بعد اليوم أن تتكلم في المقاومة". وأقول أيضا: لو اعتبرنا هذا الذي قالوه قاعدة في قياس الوطنية، وفي الحكم على أحقية الكلام في المقاومة؛ فأين سيكون هؤلاء أنفسهم؟ وأين ستكون السلطة التي يدافعون عنها؟ وإن كانوا رغم انسلاكهم في المفاوضات وانسلاخهم عن الروح الوطنية في التهتك بها وبالتنسيق المخابراتي لضرب القضية الفلسطينية.. وكانوا لا يزالون يتكلمون في المقاومة بكل أنواعها وأشكالها فأين يجب أن نضع كلامهم هذا إذن؟ أم ما يحق لهم سوؤه لا يحق لغيرهم حسنه؟ وأيضا أقول: وبجامع الخبرة السابقة مع الخبر الذي ذكره تلفزيون العدو ومع تولّدات وتوليدات متحدثي السلطة حوله وربط كل ذلك بالمحطة التي وصلت إليها المصالحة: يمكن القطع بأن ما كان يقع عادة سيقع هذه المرة أيضا.. ففي كل مرة كانت تتقدم فيها المصالحة شبرا أو توشك أن تحقق حلم إنهاء الانقسام الدموي البائس وأن تغادر المربع الوسخ الذي جرجر الشعب الفلسطيني إليه ذلك الشيطان الخبيث - قائد فرق الموت في غزة – كانت تنطلق حملة ضد أنصار ومنتسبي حماس في الضفة وكنا نرى أصابع العدو وعملاءه في ذلك عيانا بيانا.. وإلا فلماذا الاعتقالات في حين أن المقاومة لم يطرأ عليها في الضفة أي تغير لا تكتيكيا ولا استراتيجيا، وفي حين أن ثمة تفهما من طرفي المصالحة كل لاعتبارات الآخر وحدود إمكاناته؟  ما يؤكد أن هذه الحملة على حماس تأتي في سياق تخريب جهود المصالحة هو أن نشاط الأمريكان والصهاينة في تقديم الإغراءات والتقدم بالمراودات للرئيس من أجل ثنيه عن المصالحة إلى التسوية هو الآخر انطلق كما كان ينطلق عادة.. وأعتقد أنه في هذا الإطار يمكن فهم تصريح الرئيس بـ " أنه كما أنجز " حلم الدولة " سينجز تحرير الأسرى "!! ألا سأل أحد نفسه: إن كان العدو يعطي لله تعالى بقرة فلماذا يعطي السيد عباس هذه الأعطية؟ ومن أين له - للرئيس – بكل هذه الثقة؟  آخر القول: لو عدنا إلى كل جولات المصالحة السابقة منذ نهاية حرب الفرقان فسنجد أنها كانت دائما تتعرض لضربتين يكفلان توقفها وربما انتكاسها للأسوأ ؛ أما إحداهما فتصعيد السلطة وأجهزتها الأمنية ومتحدثيها ضد حماس، وأما الثانية فإغراءات التسوية التي تجعل المراجحة دائما على حساب المصالحة التي دائما يقع عليها التأجيل ودفع الثمن.. فهلا تنبه القائمون على الشأن الفلسطيني إلى اعتبار السلطة طرفا ثالثا لا بد من إخضاعه وضمان التزامه قبل أي حديث عن المصالحة وأي ثقة بإمكانيتها..