14 سبتمبر 2025
تسجيلمن القواعد الأساسية في الشريعة الإسلامية الحق في الشورى لكل أفراد المجتمع الإسلامي، انطلاقاً من قوله تعالى: "وأمرهم شورى بينهم" الشورى: 38، وقوله تعالى في آية أخرى: "وشاورهم في الأمر" آل عمران: 159، ومن هنا كان من الحقوق المهمة التي ينبغي على الرجل أن يعيها قبل المرأة حقها في أن يكون لها رأي وموقف وقرار في مختلف شؤون الحياة، خاصة شؤون منزلها وأطفالها، لأن الاستبداد بالرأي وعدم استشارة المرأة في مختلف الأمور يشعرها بالظلم، وهو شعور قد يؤدي بها إلى عدم الثقة بنفسها، وأبرز مظاهر غياب الشورى من البيت غياب الحوار الأسرى، أي أن التواصل بين الوالدين وأبنائهما يقوم غالباً على الأوامر والنواهي فقط، دون إحلال الحوار والتفاهم والمشاركة وإبداء الرأي بينهما، وهذه آفة خطيرة تجعل الحياة مملة وصعبة، كما تؤدي إلى التمرد الضار أو التعود على الاستسلام المخزي، وانطلاقاً من أهمية هذا الحق نرى ضرورة التأكيد عليه، لأن غيابه قد يؤدي إلى نتائج عكسية، سواء في نفسية المرأة أو في عواطفها، التي قد تتقلص أو تنقلب، أو في مستوى أدائها لرسالتها ووظائفها الأسرية والاجتماعية. وإذا كانت المرأة مطالبة بمعرفة حقوقها التي سبق عرضها، فمن باب أولى أن تعرف واجباتها وتلتزم بها وتؤديها، حق أدائها، سواء كانت تجاه زوجها أو أسرتها أو مجتمعها، ومن ألزم واجباتها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في نطاق ما تسمح به إمكاناتها وعلاقاتها، وضمن إخلاص النية لله، والاغتراف من نوره والاهتداء بهدي قرآنه وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون الجنوح إلى القسوة أو التعالي، يقول الحق تعالى: "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً" الفتح: 29، وربما كان اتخاذها من نفسها نموذجاً لما ينبغي أن تكون عليه المرأة المسلمة أبلغ تأثير من كثير من الكلام، ولا شك أن أي إنسان يؤثر في غيره بمقدار صدقه وإخلاصه وتقواه وصلاحه، أي بمدى تخلقه بما يدعو إليه ولكننا نعلم أن الإسلام هو التخلق بأخلاق القرآن، والعمل ما أمكن في جعله يمشي بين الناس، اقتداء بقدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن أبرز واجباتها تجاه أسرتها: رعايتها لها، وحضانة أطفالها، وتربيتهم تربية إسلامية، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "... والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم" أخرجه البخاري ومسلم، وفي حديث نبوي آخر: "... والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسؤولة..". أخرجه البخاري. كما أن من أهم واجباتها تجاه زوجها طاعته بالمعروف وحفظه في نفسه وماله وولده، وتهيئتها لفضاء التساكن والمودة والرحمة بينهما، فلا يرى فيها إلا ما يسره وما يعينه على تحمل مشقات الحياة وقسوتها، ولا يسمع منها إلا ما يزيده شكراً لله على نعمة الزوجة الصالحة. ولنا بعد هذا العرض السريع لمجمل حقوقها وواجباتها أن نتساءل عن طبيعة وجودها الآن في عصرنا، نعلن أن المرأة المسلمة بعيدة كل البعد عن وضعيتها التي وضع أساسها القرآن والسنة، وطبقتها نساء العصر النبوي والعصر الراشدي، وأن هذه الوضعية أخذت في الانحدار إلى أن قامت بعض الدعوات المغرضة لإخراج المرأة من أتون التخلف لتقذف في مستنقعات التغريب. هذا وللحديث بقية إن شاء الله..