14 سبتمبر 2025

تسجيل

عودة أم الزين

21 يناير 2015

تاريخ المسرح في قطر زاخر وغني بأعمال تظل محتفظة بتألقها رغم مرور الزمن وإعادة عرض هذه الأعمال في مختلف المناسبات الثقافية إنما هو تأصيل لثقافة المسرح في الزمن الجميل، حيث القرب لمشاعر الناس وبساطة اللغة ومتانة النص المسرحي المتوغل في عمق الواقع الاجتماعي. أم الزين مسرحية اعتبرت خطوة مميزة وتحولا كبيرا في صناعة المسرح القطري عبر تاريخ هذا العمل الذي أبدع فيه المخرج الأستاذ عبد الرحمن المناعي، عاد بقوة هذا العام في مهرجان الدوحة الدولي للكتاب ليتجلى مرة أخرى كأجمل الأعمال المسرحية الخليجية التي احتضنت واقع الإنسان الخليجي في مراحل التحول الاقتصادي وتحدي الحفاظ على الثوابت والقيم في ظل التطور والرفاهية أن عناصر العرض المسرحي قد اكتملت بهذه المسرحية، وكانت الحد الفاصل بين المسرح قبل أم الزين وبعدها.تدور أحداث مسرحية "أم الزين" في أواخر حقبة الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، حين يتبنى النوخذة بو راشد الأخوين حمد وشريفة إثر موت والديهما، فيربيهما مع ابنه راشد وابنته أم الزين. يكبر الأربعة على حلم زواج حمد من أم الزين وراشد من شريفة. وفي رحلة الغوص الأخيرة يصطحب النوخذة الولدين، لكن عاصفةً قويةً تضرب البحر فيغرق راشد، ويسدل الستار على مرحلة كاملة من مسيرة الشخصيات والقرية، ويبدأ عصر جديد بذهاب حمد إلى العمل في شركة البترول، وارتداء شريفة الملابس السود حزنا على راشد، وانتظار أم الزين عودة حمد ليتزوجها، إلاّ أن الطفرة المادية التي يشهدها المجتمع تغيّر النوخذة فيملأ الطمع والجشع نفسه، ويزوج ابنته من عجوز ثري، وحين يرجع حمد يواجه الحقيقة المرة، حقيقة ضياع حلمه، لكنه يظل متمسكاً بالأمل، مؤكداً أنه لن ينسى أم الزين، ولا البحر، ولا كل من التهمته أمواجه. هي حكاية البحر والإنسان، ذلك البحر الساكن في أعمال الأستاذ عبد الرحمن المناعي بكل قوة وحضور وثقة، أن هذه الخطوة لم تكن بسيطة، إنما هي خطوة نعود بها إلى عالم المسرح الجميل الملتزم القريب من هموم الناس ومشاعرهم البعيد عن التصنع والتهريج وقد أعلنت قبل ذلك هنا أنني أحب كل يد تمسح الغبار عن كنوزنا الدفينة ليعرضها لأبناء اليوم من جديد، وأقف احتراما وتقديرا لكل عمل إبداعي يقف شامخا في وجه الزمن ويعود بقوة ليقول أنا مازلت هنا وما زلت الأجمل في القلب والذاكرة، نتمنى أن تتكرر هذي الخطوة في أعمال أخرى وأخرى، فكم نحن بحاجة إلى أبطال ذلك الزمن وإبداعهم وفكرهم الجميل.