29 أكتوبر 2025

تسجيل

انتشار الإسلام في ظل تصاعد الإسلاموفوبيا في أوروبا

20 ديسمبر 2014

تناقلت مختلف وسائل الإعلام العالمية مؤخرا مظاهرات في مدن أوروبية تندد بالانتشار السريع للإسلام وتطالب برحيل المسلمين، لأنهم يشكلون خطرا على أمن وسلامة المواطنين الأوروبيين. هذه التظاهرات بطبيعة الحال سبقتها مواقف سياسية من قبل الدول الأوروبية نفسها، سواء تعلق الأمر ببناء المساجد أو منع النقاب. كما ظهرت مواقف معادية للإسلام من قبل أحزاب سياسية وسياسيين، ففي ألمانيا على سبيل المثال كان هناك الكثير من التحركات المناهضة للإسلام في السنوات الأخيرة، تبدأ عادة برفض بناء المساجد ثم تتطور إلى مقاومة، فإكراه وصولًا إلى أعمال العنف والصدامات. والاعتداء على الأفراد وحرق متعمد للمساجد. أصبحت ظاهرة الإسلاموفوبيا التي تهدد وضع الأقليات العربية والمسلمة في الدول الغربية من القضايا الجدلية المتصاعدة التي تطرح نفسها بقوة على قضية الديمقراطية والحريات الفردية في تلك المجتمعات وما يتعلق بها من حقوق المواطنة والخصوصية الثقافية وحرية التدين، كما أنها تثير إشكالية العلاقة بين الأغلبية والأقليات في ظل النظم الديمقراطية. وقد تجلى ذلك، على سبيل المثال، بوضوح في دخول قانون حظر ارتداء النقاب في فرنسا حيز التطبيق في أبريل 2011، حيث أظهر التطبيق العملي له دلالات ونتائج انعكست سلبا على عملية إدارة التعددية الثقافية والدينية داخل المجتمعات الغربية، وتشير إلى تنامي المنظور العدائي لكل ما يرمز إلى الهوية الدينية الإسلامية. وفي هذا السياق، فمن المهم التعرف على أبعاد وحدود تلك الظاهرة من خلال تناول حدث حظر ارتداء النقاب بحد ذاته، وظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا بشكل عام، وفرنسا بصفة خاصة. يتجه الدين الإسلامي يوما بعد يوم لأن يكون دين المستقبل في بريطانيا وفي عدة دول أوروبية، فعدد المسلمين في العالم تزايد خلال 20 عاماً بنسبة 35% وعددهم بلغ 1.6 مليار مسلم عام 2010 ويتوقع أن يتجاوز 2.2 مليار مسلم عام 2030. فالتوقعات تشير إلى أن يشكل عدد المسلمين في العام 2030 نحو 26.4% من إجمالي سكان العالم. رغم الاعتداءات والتهديدات والتطاول على الإسلام والمسلمين، فإن الدين الإسلامي كان دائما هو الرابح وبغض النظر عن الاتهامات الموجهة للمسلمين بالإرهاب، ورغم ربط الدين الإسلامي بالإرهاب، إلا أن ذلك أفرز نتائج غير متوقعة. في البداية تم وضع الإسلام على الأجندة الأوروبية من قبل مروجي الإشاعات المعادية للإسلام في أوروبا، ورغم محاولات المناوئين للإسلام الحثيثة لنقاش الموضوع على أساس الإرهاب، فإن رسائل الحب والسلام الموجودة بجوهر هذا الدين فتحت قلوب الآلاف من الأوروبيين. ففي هولندا، الدولة التي ينظر إليها على أنها الأكثر تطرفاً ضد الإسلام في أوروبا، أوردت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي عام 2012، أن 13 ألف شخص اعتنقوا الإسلام خلال 26 السنة الماضية، كما أشارت الأرقام نفسها إلى اعتناق 500 شخص للدين الحنيف سنويا.في ألمانيا الإسلاموفوبيا وتهديدات النازيين العنصريين خلّفت كذلك نتائج إيجابية في صالح الإسلام، حيث وصل عدد الذين اعتنقوا الإسلام في ألمانيا منذ 1953، 43 ألف شخص. وكانت مؤسسة "قضايا إيمانية" في بريطانيا، أفادت في دراسة بحثية أجرتها، أن عدد معتنقي الإسلام في بريطانيا في السنوات العشر الأخيرة ارتفع إلى الضعفين، موضحةً أنه بلغ 100 ألف شخص، وأن مجموع المسلمين في بريطانيا بلغ 2.7 مليون مسلم. وتشير التقديرات إلى أن عدد المسلمين في بريطانيا سيصل إلى الضعفين عام 2030، حيث سيبلغ 5.6 مليون مسلم.أما فرنسا التي تعتبر إحدى الدول العلمانية التي لا تمنح المسلمين حرياتهم، ومع القوانين التي استهدفت حظر النقاب والحجاب، فإنها شهدت أعلى مستوى من الضغوط على المسلمين الناجمة عن الإسلاموفوبيا. ورغم هذه الضغوط، فإن فرنسا كغيرها من الدول الأوروبية فشلت في وضع حد لانتشار الإسلام، فهناك 4 آلاف شخص يعتنق الإسلام في فرنسا سنويا. وبذلك يبلغ مجموع المسلمين في فرنسا 5 ملايين مسلم. في الدنمارك التي تتعرض المقدسات الإسلامية فيها لأكثر أشكال التعسف، فإنها سجلت أعداداً كبيرة من الذين يعتنقون الإسلام. في سنة 1990 كان هناك 109 آلاف مسلم في الدنمارك، بينما وصل العدد 226 ألف عام 2010. كما شهدت دول إسبانيا، وأوكرانيا، وبولندا ارتفاعاً في أعداد المسلمين المهاجرين، ومعتنقي الإسلام.زيادة بمعدل 200%. كما نلاحظ كذلك أن الدول الإسكندنافية، أكثر الدول ديمقراطية، نالها نصيب من الإسلاموفوبيا، حيث تعاظمت في المنطقة التهديدات العنصرية، وفي الوقت الذي تزايدت فيه الاعتداءات ضد المسلمين، زاد انتشار الإسلام وأعداد الذين اعتنقوا الإسلام. حذر مرصد "معاداة الإسلام" لدى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من حرب أهلية في فرنسا، في ظل تنامي الخطاب المتطرف ضد الجالية المسلمة التي يزيد عددها على خمسة ملايين نسمة، وفي ظل سكوت السلطات الفرنسية على التيارات المتطرفة التي تغذي هذا الاتجاه. فالحكومة الفرنسية، على سبيل المثال، تقف وراء تمادي التيارات المختلفة التي تهاجم الجالية المسلمة في فرنسا. فمن واجب الدولة الفرنسية العمل على محاربة كل الخطابات التي ترسخ العنصرية، وتعمل على تنامي ظاهرة "الإسلاموفوبيا" والحملات المنظمة التي تقودها بعض التيارات في فرنسا وفي مقدمتها اليمين المتطرف، ضد المسلمين، لأن الأمر سيؤدي، لا محالة، إلى حرب أهلية في فرنسا، خاصة أن عدد مسلمي فرنسا قد بلغ خمسة ملايين نسمة.مؤشر ظاهرة الإسلاموفوبيا آخذ في التصاعد في أوروبا بشكل عام، وفي ألمانيا على وجه الخصوص، خاصة مع تمكن جماعة بيجيدا من استقطاب آلاف الألمان للتظاهر ضد المسلمين والإسلام في البلاد، وهو ما لقي تنديدا من قيادة البلاد، ومظاهرات مضادة تشير إلى أن حركة مثل "ضد أسلمة أوروبا" أحدثت شرخا في المجتمع الألماني. فقد شارك آلاف الألمان في مظاهرات عديدة ضد "أسلمة" البلاد، نظمتها حركة "بيجيدا"، وسط تزايد نشاط اليمين المتطرف.كما أدانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الاحتجاجات وحذرت الألمان من "استغلال" المتطرفين لهم. وقالت إن حق التظاهر لا يصل إلى مستوى "إثارة المشاكل والتشهير" ضد الأجانب. وانتقدت ميركل الحملات التي تقوم بها حركة "بيجيدا" المناهضة للإسلام. فلا يجب الحكم على الإسلام من خلال "داعش" وما تقوم به الجماعات المتطرفة في مختلف أنحاء العالم وكذلك الشباب المسلم الذي يعيش في أوروبا ويُغّر به ويجند للذهاب لسوريا وغيرها "للجهاد". فالإسلام بريء من أولائك الذين يستخدمونه لقتل الآخرين.