16 سبتمبر 2025
تسجيلالسيناتور الأمريكي "كارل ليفن" صرح قبل أيام لمجلة أخبار الأسبوع الأمريكية بأن قوة الرئيس المصري ظهرت في دعمه لقطاع غزة دون النظر إلى الضغط الأمريكي عليه ما جعل أمريكا ودولة "صهيون" تتسولان وساطته لوقف إطلاق النار.. " وقال السيناتور " ليفن ": ولهذا تدعم الإدارة الأمريكية المعارضة المصرية في الآونة الأخيرة لإسقاط أو لإضعاف الرئيس "مرسي" فهي لا تريد زعيما عربيا قويا يقف ضد مصالحها ولن تهدأ حتى تسقطه أو تضعفه بمعارضة تعمل لصالح الغرب". وأقول: بالتأكيد لا يمكن اتهام السيناتور "ليفن" بمحاباة الرئيس مرسي فهو ليس من وزرائه ولا هو من السلفيين ولا ممن بايعوا مرشد الإخوان المسلمين على السمع والطاعة، وتصريحه ليس بدعا من الفهم ولا النقل فقد وافق كل المنصفين الذين نظروا الحالة الاعتراضية في مصر ووصفوها وشخّصوها ؛ لكنه إن أضاف فقد أضاف معلومة مهمة كانت مجرد تحليل توقعي لعلاقة المعارضة بأمريكا ومخابراتها وغاياتها في المنطقة.. ولعلاقة ما يقومون به من مشاكسات لا متناهية ضد الرئيس بموقفه من العدوان على غزة.. لقد أجاب على سؤال تردد في ذهني كثيرا هو: لماذا كانت دائما ما تنزلق ألسن هؤلاء المعارضين للحديث عن غزة وعن الأنفاق بينها وبين سيناء حتى لو كانوا يتحدثون عن سعر كيلو الطماطم في الصعيد؟ وأجاب على سؤال آخر هو: لماذا أدخلوا الهولوكوست اليهودي المزعوم في أزمة الدستور؟ حقا لقد فكك السيناتور " ليفن " بهذا التصريح ألغازا لا لغزا واحدا وأبان سبب وماهية وهوية هذه المعارضة ووضع النقاط على الحروف.. العجيب أن هؤلاء الذين رضوا أن ينسقوا مع أمريكا وأن يتسخروا في غاياتها الإستراتيجية هم الذين طالما صدّعوا رؤوسنا باتهام الإسلاميين بالعمالة للأجنبي والارتباط بالخارج، والعجيب أن هؤلاء المعارضين لكل شيء وبغير حجة ويسيرون إلى المجهول ويجمدون على مقولات لمجرد القول وعلى معارضات لمجرد المعارضة.. هم الذين كانوا دائما ينعتون الإسلاميين بالظلامية والحجرية والجمود والتخلف والغباء السياسي والتوهان الوطني! خاب فألهم وانتكس طالعهم وبار ولله الحمد مكرهم وكيدهم.. ثم ها هي الشعوب الواعية تسقطهم، وها هي تختار الإسلاميين عنهم، تختار الإسلاميين اليوم فتجدهم كما صبروا من قبل على ظلم ذوي القربى وتحريض ذوي البعدى، وكما واجهوا كل ذلك بمزيد من الصمود والشموخ والاستمرار في البذل والحكمة.. تجدهم وقد تمكنوا من الحكم ووصلوا إلى الشرعية يصبرون على الإساءات ويكشفون ببراعة ووعي وحكمة المؤامرات ويقدمون سلامة الوطن على سلامة ذواتهم وأحزابهم ومقراتهم.. فيما تسقط أقنعة الآخرين فيلوذون بالفوضى ويلجأون للعبث ويتحالفون مع الجريمة، ويبيعون الوطن بأموال الارتزاق، ويستدعون الاستعمار الأجنبي، ويستنجدون بالعسكر، ويرفضون الاحتكام لصناديق الاقتراع.. ولسان حالهم نارك يا حسني وجهنمك يا إسرائيل أهون من حكم الإسلاميين. لقد انكشف الغطاء وثبتت الحجة وبانت المحجة؛ انكشف قضاة يفترض أن ميزتهم وأهليتهم ومهنتهم الأساسية هي حماية القانون والتظلل بالدستور فكانوا أول من يكسر القانون وأكثر من يحتقر الدستور وأوقح من يتمرد على الشرعية.. لا يتحرجون من التحالف مع البلطجية والفاسدين والمجرمين وأصحاب السوابق ويستبدلون أقدس معاني العدالة بأوسخ أشكال المناورات والمؤامرات والارتزاق.. وانكشف إعلاميون يفترض أنهم الناقلون الحقيقة.. انكشفوا إذ "يفبركون" الأخبار ويصنعون الأكاذيب ويدلسون على الرأي العام وينتهكون خصوصيات المخالفين كما يفعل السوقة والوضعاء والجهلة والمنحرفون! وانكشف ليبراليون يفترض أن أيديولوجيتهم ونحلتهم تقوم - كما يزعمون- على الديمقراطية والحرية؛ انكشفوا إذ يرفضون التحاكم لصندوق الاقتراع، وإذ يحتقرون الشعب ويجاهرون بالمطالبة بمنع عامة الناس من حق الانتخاب (لأنهم جهلة) حسب رأيهم!! ولنا أن نسأل هؤلاء - المنتسبين للمعارضات- في مصر أو في غيرها.. ونخص مصر لأنها حلبة الصراع اليوم ولأنها أظهر نماذج القياس والتقصي؛ نسألهم وعلى فرض أن ما يأتون به من طامّات سياسية ومن موبقات وطنية هو مجرد أخطاء غير مقصودة واجتهادات غير محسوبة.. نسألهم: ألا يفكرون في غد؟ وإذا كان الناس قد أسقطوهم وهم جزء من الثورة وقبل أن يتودكوا بكل هذه الافتضاحات فهل سينتخبونهم بعد ذلك؟ وبمنطق الربح والخسارة نسألهم: ألا يفكرون في كسب ود الناس ورضاهم؟ أم يظنون أنهم مستغنون عن الرأي العام فيسيئون إليه كل هذه الإساءات؟ فإن كانوا يراهنون على أن الثورة انقسمت وأن هذا سيشجع الجيش على انقلاب عسكري يوصلهم أو يعيدهم إلى الحكم، أو يراهنون على تدخل غربي وأمريكي وعلى (إسرائيل) فلا ينبغي أن ينسوا أن الانقسام كان قائما منذ الثورة، وأن الجيش كان معهم دائما، ولكنه مع ذلك تنازل عن الحكم بعد أن كان في سدته! وفشل في الاستيلاء على الثورة بعد أن كان يرسم لنفسه البقاء في الحكم وكان يتخذ من الإعلانات الدستورية والصور الإعلامية ما يبقيه فيه! وعليهم أن يتذكروا أن المشير والفريق سكتا عندما أقيلا ولو استطاعا لتكلما وهما من هما في السطوة والسلطة وكان من ورائهما من العسكر والقوات الضاربة من ورائهما؟ وأما التدخل الأجنبي فلو كان ينفع أحدا يقف في وجه الثورة لنفع ولي نعمتهم حسني مبارك الذي كان معه سوى الغرب أكثر من مليون ونصف المليون بين عسكري أمن وعسكري جيش، ولأنقذ نظام الساقط ومنع أن تهان كرامته ثم يحاكم ويجرّم ويسجن هو وأبناؤه وتصادر أموالهم وهم الكنز الإستراتيجي له؟! آخر القول: فليتركوا الوهم، وليعودوا إلى حقائق الواقع! وليعملوا على كسب ود شعبهم، ولينهجوا العدالة والوطنية، وليسعوا للممكن بالممكن وليسعدوا به تحت القانون وفي إطار الدستور، وليفكروا بطريقة منطقية محترمة وواعية قبل أن يخرجوا من التاريخ وقبل أن تتجاوزهم الأحداث وقبل أن تقلبهم التغييرات.. وعلى كل من لا يزالون يراهنون على الخارج أو الفوضى أو الانقلاب في وجه الإسلاميين أن يقفوا وأن يفكروا وأن يستعيدوا توازنهم.