12 نوفمبر 2025

تسجيل

معركة أخرى تخوضها غزة

20 نوفمبر 2023

على مدار التاريخ رافقت الأوبئة الحروب وشكلت خطرا كبيرا على حياة المدنيين وسببت خسائر في الأرواح أكثر من الخسائر القتالية، كما أنها شكلت عوامل غير محسوبة في تحديد النتائج النهائية، وعبر التاريخ رافق الطاعون الدبلي الحرب الأهلية الإنجليزية في 1666 وقتل 100 ألف شخص، وتزامنت الكوليرا مع حروب الاستقلال في أمريكا اللاتينية وسببت مقتل 10 ملايين شخص. وفي الحرب العالمية الأولى انتشرت الإنفلونزا الأسبانية وغيرها. وتدرك اسرائيل ضعف جيشها عن المواجهة الفعلية فهي تستمر في القصف من الجو وفي الحصار والتجويع وتدمير البنية الصحية والمشافي ضمن استراتيجة مقصودة لضرب المجتمع والمقاومة من خلال هذا المجال في سياسة قذرة لم يشهد التاريخ لها مثيلا. لا يتعلق الأمر فقط بعدد الشهداء والجرحى والقصف المدمر للبيوت وكل مقومات البنية التحتية في قطاع غزة فحسب والذي أدى لاستشهاد أكثر من 12 ألفا وإصابة عشرات الآلاف بل إن حياة 2,3 مليون شخص هي أيضا على المحك. هناك أكثر من 4 آلاف بلاغ عن مفقودين وعلى الأغلب فإن نسبة كبيرة قد تكاد تصل إلى 100% من المفقودين قد يكونون في عداد الشهداء وما زالت جثثهم ملقاة في الشوارع أو تحت البيوت أو في المزارع، وهناك حاليا تحذيرات من كارثة صحية كبيرة نتيجة تعفن الجثث مع اقتراب الأسبوع الثامن للحرب. هناك انقطاع للمياه والكهرباء وتكدس للنازحين في المدارس والتي ليست مجهزة للإيواء وهو ما قد يؤدي لانتشار الأوبئة، والأمراض خاصة مع احتمال أن تكون الجثث حاضنة لأمراض معدية. لا يوجد خدمات طبية للمرضى العاديين ولا تستطيع المشافي العاملة حتى الآن متابعة الجرحى، كما أن ثلاجات الموتى لا تعمل مع انقطاع الكهرباء. لقد جرى رصد أكثر من 70 ألف حالة عدوى تنفسية و44 ألف حالة إسهال و16 ألف حالة أمراض جلدية عدا عن حالة الأمراض النفسية المتوسطة بسبب القلق والاكتئاب. ويفتقد القطاع مقومات الحياة الأساسية مثل الماء والغذاء والدواء والعمل وأماكن الإيواء فيما يبقى الهواء مهددا بالتلوث جراء مخلفات القنابل والصواريخ وقنابل الفسفور إضافة لتكدس النازحين في المدارس. إن الجبهة الداخلية لقطاع غزة تواجه كارثة إنسانية حقيقية ولا يتعلق الأمر بدخول المساعدات التي بالكاد تدخل، وقد قمت برصدها منذ بداية العدوان الإسرائيلي الإرهابي على غزة والتي تصل في المتوسط إلى 40 شاحنة في حين أن احتياج القطاع هو 400 شاحنة على الأقل يوميا. إن الوضع الصحي جزء من المعركة وقد قام الاحتلال باستهداف المشافي والمرافق الصحية والإطباء بشكل ممنهج ومقصود من أجل أن تتدهور الأوضاع الصحية ويسبب ذلك كارثة عامة لسكان القطاع ضمن سياسة العقاب الجماعي التي يتبعها الاحتلال والتي يحاول ربطها بأهدافه السياسية القذرة وخاصة تلك المتعلقة بتهجير سكان قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء. لابد لكل حر أن يأخذ مسؤوليته بشكل عملي وليس من خلال الدعوات والنداءات وعلى المنظمات الدولية العالمية المعنية أن تقوم بدورها مثل مؤسسة الصحة العالمية وكافة الأطباء من حول العالم لإنقاذ سكان قطاع غزة من هذا الخطر المحدق في مواجهة عدو مجرم لا يكترث بالأطفال والنساء ولا تهمه حالة حقوق الإنسان وإذا لم يكن هناك خطوات إلزامية رغما عن الاحتلال فإننا نكون على حافة كارثة خطيرة سيكون العالم كله مسؤولا عنها. بينما يتحدث العالم اليوم عن أزمة إنسانية بسبب الغذاء فهناك خطر تستخدمه اسرائيل التي أثبتت 40 يوما جبنها عن القدرة على المواجهة العسكرية وهي تسعى لضرب الحاضنة الشعبية الغزية لتقويض القدرة القتالية وإصابة السكان والمقاتلين بالأمراض ونشر الأوبئة مما يحتم كما ذكرت تدخلا عاجلا وسريعا عبر إدخال المساعدات الصحية والوقود لتشغيل المشافي وإدخال كميات كافية من الأدوية وتوفير ما يلزم للرعاية الطبية وتوفير المياه النظيفة والصرف الصحي وكل مستلزمات النظافة وتوفير المآوي النظيفة.