12 سبتمبر 2025

تسجيل

الدرس القطري !

20 نوفمبر 2022

نجح مونديال قطر قبل أن يبدأ. السبب المباشر في نجاحه هو الحملة الغربية الشعواء عند اقتراب ساعة الصفر للمونديال، عبر تحريك ملفات ومبررات لا تمت بصلة لمشيئة الحكم على بيان فشل أو نجاح تظاهرات رياضية كما اعتادت عليها جماهير الرياضة على الكوكب، فراح السحر ينقلب على الساحر، وما كان للحملة الغربية إلا أن خدمت الدوحة بدل أن تسيء إليها. الشاهد.. تضامن واسع لشخصيات غربية ذائعة الصيت مع الدوحة، ناهيك عن مساندة عربية مطلقة من الجماهير، لتؤشر الحملة الإعلامية الغربية ومن ورائها حكوماتها التي من خلفها هي الأخرى الدولة العميقة للعالم كما ذكر البعض، على أن المخططين في حالة ارتباك من التفوق القطري باسم العرب، وأنهم أبانوا عن ضعف كبير مقارنة بأسلافهم صانعي الحروب العالمية المدمرة والمؤامرات الإعلامية الكونية المكذوبة، ذلك أن المبررات المقدمة هذه المرة، لا تعدو أن تكون أحكاما نمطية جاهزة، تفتقد إلى قوة الحجة والإقناع! نشعر بقوة، أن صُنّاع الحملة، تفطنوا متأخرين بعد 12 سنة بأن قطر دولة عربية مسلمة ستنظم مونديالا سيمكن للعرب ككل، افتكاك مكانة منطقية في مقدمة الأمم من حيث مقومات ومقاييس التنظيم العالمية في هكذا تظاهرات، والتي تبدو متطورة بكثير عن مقاييس الغرب نفسه، مما سيشجع دول آسيا وإفريقيا من أن تحذو حذو قطر في قادم الأيام في كل المجالات. فالمونديال القادم بين كندا وأمريكا والمكسيك، إما عليه أن يتفوق على "الباكايج" المونديالي القطري أو أن يكون على الأقل في مستواه، لأنه بعد أربع سنوات، سنذكّر العالم بمستوى التنظيم في كل تفاصيله بين قطر "الصغيرة" وثلاثي القارتين الأمريكيتين، سواء من طبيعة هياكل الاستقبال والخدمات المقدمة ومجانية النقل وأسعار إيواء المشجعين وكذلك نوعية الملاعب، أو حتى من حيث القصص والحوادث المعزولة التي يمكن أن تحدث خلال المونديال، ولا تخلو منها أي بطولة بحجم كأس العالم، بحكم العدد الهائل من الجماهير التي ستحضر مونديال قطر، باختلاف ثقافاتها وطباعها، والتي ستتعايش طيلة 28 يوما في الدوحة، لتكون سانحة للتعارف بين وتقبل الآخر خلال فترة المنافسة.. وهل سيقبل الأمريكيون مثلًا كما في قطر، أن يتنقل الآسيويون والأفارقة بالمجان خلال المونديال، بينما لم تستفد هذه الشعوب الغربية التي تنهكها الضرائب، من هكذا امتيازات طوال حياتها!! نجاح قطر، وإن كان ثابتا، فإن حكمه النهائي سيبقى رهين السؤال: كيف ستُبلي ثلاثة دول كاملة في 2026 باسم الغرب، أمام امتحان قطر 2022 باسم العرب المسلمين! إن الدعوات الغربية لمقاطعة مونديال قطر، إنما هو اعتراف مسبق بنجاحه، ومحاولة في آن واحد لحجب شهادات البشر على هذا النجاح، لئلا يثبت في الأذهان تلك المستويات الرفيعة من التنظيم.. أما أن يُثار ملف ظروف العمالة الأجنبية في قطر، لتبرير عدم أهليتها في احتضان المونديال، فهذا ضرب من الجنون، وإلا ماذا نقول عن الغرب الذي انقلب على كل شعاراته ومبادئه في الحرية والانسانية، وأصبح يشرعن التقتيل والتنكيل أينما وكيفما شاء، وفق سياسة استغباء سكان الكوكب! هل نطالب بحرمانه من مونديال 2026! طبعا لا.. لأننا أهل حكمة ومنطق، والرياضة للجميع، بلا حسابات هكذا عودتنا فيفا والغرب، أليس كذلك!؟ الحملة ضد قطر، بهذه المبررات الغربية الواهية، تلمح إلى أن الغرب قد فقد احتكاره للحداثة والتقدمية والتفوق.. فدولة قطر باسم العرب والمسلمين قد أدخلوا البشرية عهدًا جديدًا عليهم الإقرار به؛ يتجلى في تحقيق العديد من الإنجازات، والإصرار على مقارعة نماذج عربية وإسلامية ناجحة، ليس آخرها النموذج الماليزي والتركي، وغيرهما. وأخيرا وليس آخراً؛ فإن ظهور مؤشرات تطور المسلمين وعودتهم العالمية سياسيا واقتصاديا من آسيا إلى إفريقيا، أصبح واقعًا وحقيقة تفرض نفسها يوما بعد يوم، ولا بديل لدى الغرب سوى تقبل هذا التغيير والحوار مع العالم العربي والإسلامي، بمنطق الاحترام والندية. أما محاولة تجاهل أو الكفر بما هو ماثل للعيان، فلا أشرّ منه!