15 سبتمبر 2025

تسجيل

الانتقادات التي توجه لنا بشأن حقوق الإنسان والعمال والمثليين

20 نوفمبر 2022

إن ما تتعرض له قطر لم يعد انتقادات، بل هجمات مغرضة وممنهجة، وأصبح يتضح أكثر أنه لا أساس لها، وخلفها دوافع عنصرية بغيضة وأهداف أخرى، ولا يجب أن يزعجنا كثرتها مع اقتراب البطولة، فهذا يفقدها المصداقية، ويجذب الانتباه اكثر للبطولة، وهو ما نريد، وبالتالي سيكشف زيف هذه الحملات المضللة وصورها النمطية، ويأتي بعكس النتائج المرجوة منها، ويجذب أكثر نحو ثقافتنا وقيمنا. وهي لا تستهدف الاساءة لقطر فحسب، بل لكل العرب والمسلمين كأمة، وكثقافة، وكحضارة، وأراها تأتي في سياق سعي الغرب الدؤوب، بمساعدته أذنابه من المنافقين العرب الآن، لفرض هيمنته، ليس الاقتصادية والسياسية فحسب، بل والثقافية أيضا، وان كانت لا تتناسب مع خصوصية وثقافات الأمم الأخرى، فهذا غير مهم، وبما فيها من انحرافات وشذوذ، وانحلال أخلاقي، علينا وعلى غيرنا من شعوب وثقافات الأرض الأخرى. ويبدو أن الشعوب العربية والاسلامية هي الأكثر استهدافا، لأنها الأكثر محافظةً، وان كانت في مرحلة ضعف الآن، الا أنها لاتزال تشكل كتلة صلبة، ونموذجاً حضاريا آخر منافس للنموذج الغربي، خاوي القيم، الرافض للأخر، والساعي لالغائه، علواً في الأرض واستكباراً، وعنصرية تنم عن شعور بسمو العرق الأوروبي الأبيض على سائر خلق الله. فلماذا لم نسمع مثل ذلك، من الآسيويين، أو الأفارقة، أو شعوب أمريكا اللاتينية مثلا؟ وقد عبرعن شيء من ذلك مؤخراً أكبر مسؤول في السياسة الخارجية الأوروبية، بقوله ان أوروبا حديقة متحضرة، ومعظم بقية العالم أدغال، فقد عبرعن الذهنية الغربية، ونسى أن الحديقة الأوروبية المتحضرة قد بنيت من نهب ثروات تلك الأدغال واستعباد شعوبها. وهل هذا هو وجه أوروبا المتحضر الذي تطل علينا به بين حين واخر، بمثل تلك الرسوم القبيحة، المليئة بالكراهية والعنصرية، تسب وتشتم رموز الأمم الأخرى الدينية، وتهاجم وتحتقر ثقافتها وقيمها الحضارية، وتزدري الرسول الأعظم، ومعلم البشرية الأول، نفاقا وكذبا باسم حرية التعبير وحقوق الانسان، وهو واضع حقوق الانسان ومتمم الأخلاق، فتضلل وتحرض على التطرف والكراهية، وتعزز صورة نمطية كاذبة. فهل تُّجر بطولة رياضية الى حلبة صراع تاريخي أشمل بين غرب متوتر يخشى أفوله، وشرق عربي اسلامي يخشى قدومه، فتتحول الى منصة هجوم عنصري وحملات تضليل كاذبة، عوضا عن اختلاف وحوار متحضر تتم فيه مقارعة الحجة بالحجة والبرهان بالرهان، أم أن القارة العجوز عجزت عن ذلك وتعلم أنها خسرت معركة القيم والأخلاق منذ فترة، قتلجأ للتضليل والنمطية والتحريض على الكراهية والتخويف من الاسلام والمسلمين. فالخوف لو تأثر وأسلم أحد المشاهير، فكم سيكون لذلك من تأثير على الجماهير، والاسهام في كشف زيف ذلك التضليل والصور النمطية التي يراد اظهار الاسلام والمسلمين بها. وقد قرأت تعليقا لصحفي انجليزي يعرض فيديو لمنتخب بلاده وهو يتدرب في قطر والأذان يؤذن، ويقول انه مؤثر. حقوق الإنسان إن من يصدق أن الغرب يهتم بحقوق الانسان فهو ساذج. فلا يوجد منتهك لحقوق الانسان، أكبر من الغرب وأنظمة التي تتشدق بها الآن، سواء استذكرنا سجله الاستعماري غير البعيد، أو امتداده القريب، الذي أباد واستعبد شعوبا في أمريكا وأستراليا، وأفريقيا، وآسيا، ونهب ثروات معظم شعوب العالم الثالث اليوم، وفرض نظام فصل عنصري اسرائيلي محتل، وأنظمة ديكتاتورية تخدم مصالحة، وتبقي شعوبها في دائرة الفقر والتخلف والفساد والاستبداد، وفي حين هو يدعم حركات التحول الديمقراطي في أوروبا الشرقية، فهو يدعم الأنظمة الاستبدادية في العالم الاسلامي، وهو يعلم أنها الأكثر انتهاكاً لحقوق الانسان، طالما ظلت تحقق مصالحه، ومتى تمردت عليه، ابتزها بحقوق الانسان. فأي نفاق أكبر من المتاجرة بقضية مقدسة كحقوق الانسان. أما في بلدانها فلا يزال كثير منها يمارس التفرقة العنصرية والمعايير المزدوجة بين مواطنيها بناء على العرق والدين وتسيء معاملة المهاجرين واللاجئين، في فرنسا والسويد، والدنمارك وغيرها. فعلى الأوروبيين الكف عن محاولة اعطائنا مواعظ في حقوق الإنسان. وللأسف ان هناك من السذج من أبناء جلدتنا من يحرض علينا ولا يزال يحيك الدسائس ضدنا، ظناً منهم بأنهم بذلك يستهدفون قطر وحدها، ولا يعلمون أو قد يعلمون أنه لو نظمت بلدانهم هذه البطولة، لتعرضت لنفس الحملات العنصرية الابتزازبة المغرضة. ففي نظر الغرب المتطرف، الكل سيان ولا فرق عندهم بين هذا العربي أو ذاك، فكلهم في قارب واحد. حقوق العمال للأسف كثيرا ما تستخدم المنظمات الدولية (سواء في مجال حقوق الانسان أو الاقتصاد والمال أوغيرهما) كأدوات وأذرع خفية لتحقيق أهداف الاستعمار الغربي القديم، بحجج حقوق الانسان، والتنمية وحرية الأسواق، فهناك ازدواجية في هذا المجال. ولا تكاد تخلو دولة، بما فيها الدول الأوروبية التي تعد نفسها متقدمة، كفرنسا وغيرها، من الانتهاكات لحقوق العمال والمهاجرين، والانسان بل والعنصرية الممنهجة. كما لا يدعي أحد أن سوق العمل في قطر خالية من العيوب وأوجه القصور التي يتم تطوير سوق العمل لتداركها، فهي ليست استثناء، ولكن لا يمكن القول ان هناك نمطا، أو ظاهرة. ونستطيع القول ان العمالة الأجنبية في قطر تتمتع بحقوق، لا يتمتع معظمها بمثلها في أوطانها، ويظل ذلك جزءا من تعاليم ديننا وأخلاقنا، قبل القوانين الدولية. وقد قامت قطر باصلاحات لسوق العمل، أثنت عليها منظمة العمل الدولية والفيفا، فرفعت الحد الأدنى للأجور، ونظمت ساعات العمل والسكن وغيرها، وألغت نظام الكفالة مع الملاحظات على ذلك، ومع أنه مطبق في كثير من دول العالم وله مبرراته، التي لست بصدد تناولها الآن، ولكن منها أن هناك تكاليف ثابتة للاستقدام والتدريب يدفعها المستقدم الأول الذي يتضرر بسبب انتقال العامل لعمل اخر دون مراعاه لذلك، وقد يتم الاستحواذ على هؤلاء من أصحاب أعمال وشركات أكبر وأوفر حظا، وهذا قد يحدث ارتباكا في سوق العمل ويلحق أضرارا باصحاب الأعمال والحرف الأصغر. ان سوق العمل حرة في اصلها وفي أوطانها، ويمكن التسوق والاختيار هناك، ولكن حينما يتم الاستقدام، يجب الالتزام بالعقود، لأنه مطلوب للاستقرار، ولتعزيز تنافسية الأسواق وازدهارها. إن دول الخليج تعاني من خلل في التركيبة السكانية، وهي تتبنى نظام هجرة مفتوحة للعمالة الأجنبية، ليس له مثيل على مستوى العالم، وهذا نتيجة لنموذج النمو الريعي العقاري القائم على كثافة استخدام اليد العاملة، الذي تتبناه هذه الدول، وهذا يخلق فرص عمل ودخولا كبيرة لهذه العمالة ولعلائلاتها، ويسهم في خفض معدلات الفقر وفي رفع مستويات المعيشة في بلدانها، وفي تنمية أوطانها، ولكنه يأتي بثمن باهظ على دول الخليج، اجتماعيا، واقتصاديا، وسياسيا. فهو يؤدي الى تسربات كبيرة في رؤوس الأموال الوطنية الى الخارج من خلال تحويلات العاملين، ويؤدي الى تحورات في التركيبة السكانية للمجتمع، حتى أصبح المواطنون أقليات في أوطانهم، وهذا يقرع جرس انذار لدول الخليج، وقد تكون له تبعات سياسية مستقبلا، وهذه ظاهرة غير موجودة في الغرب، لذلك تجب مراعاة هذه الخصوصية لدول الخليج، ولكن لا أعتقد أن الدول الغربية تكترث لذلك، ان لم تكن تشجعه وتدفعه أساسا، ولنتذكر جيداً هذا الجانب في النموذج السنغافوري، الذي أدى الى فصل سنغافورة عن ماليزيا الأم لتوطين العمالة الصينية المهاجرة، لذلك لا يجب التعويل كثيراً على الغرب ومنظماته الدولية في تفهم ذلك، ولا يجب الرضوخ لكل ما يطلبون. حقوق المثليين هل يتسبب حضورهم البطولة في مواجهات مع السلطات أو أزمات دبلوماسية مع بلدانهم وهنا أتساءل وما هي حقوق المثليين المطلوبة من قطر؟ فليحضروا المباريات كغيرهم، ولكن ليس من حقهم مخالفة قوانين البلاد، ويجب عليهم أن يحترموها وان يلتزموا بها كغيرهم. ان اباحة الغرب للشذوذ، لا يعني أن نتبعهم، ولا يعني أنهم على حق. ولا أعلم لماذا، ولكن من الواضح أن لدى الكثير من هؤلاء مشكلة مع الأخلاق، فتجد حملاتهم المكثفة تصوب نحوها، وتحوم حول هدمها، وهذا لا علاقة له ببطولة رياضية!. وأتمنى أن يحترم هؤلاء قوانين البلاد وان يلتزموا بها، والا فليكونوا عرضة لتطبيق القانون، ولا ينبغي أن يتسبب ذلك في خلاف دبلوماسي مع أية دولة، لأن كل دولة تريد وتتوقع أن تُحترم قوانينها، انظر الى فرنسا مثلا مع ازدواجية معاييرها. فكما يحبون ويتوقعون أن يلتزم من يزورهم بقوانينهم، فنحن كذلك. ثم ما هي القضية التي يناضل من اجلها هؤلاء؟ ليست لديهم قضية! انهم لا يناضلون من أجل حقوق انسان، كالسود في أمريكا، أو الايغور في الصين، أو الروهينجا في ماينمار، أو المحجبات في فرنسا، أو سوء معاملة اللاجئين أو الأطفال، أو شيء من ذلك. في الحقيقة، ان ما يدعون اليه، هو ضد الفطرة البشرية وحتى البهيمية، ولو طبق العالم فكرتهم وممارساتهم، لتوقف النمو الاقتصادي، ولاختفى الجنس البشري في أجيال معدودة، ولتحول العالم الى خراب. فما الحكمة من محاولة تطبيع ذلك ونشره في المجتمع؟ وأنت هنا لحضور بطولة والاستمتاع بالمباريات، فما هي الرسالة التي تريد ايصالها باستعراض ميولك أو انحرافاتك الجنسية؟ لماذا لا تحتفظ بها لنفسك وكفى؟ ان الدعوة، وبأية طريقة، للشذوذ والرذيلة، ومحاولة تطبيعها، ونشرها في المجتمع، يجب أن تقاوم بشدة، خصوصا اذا كانت تستهدف الشباب، بمحاولة التأثير عليهم أو تضليلهم أو افسادهم، فيجب أن تحارب بكل بقوة. ثم ان التزام هؤلاء بالقانون، فهو حماية لهم، من أي ردود أفعال من الجمهور والعامة.ً رسالتنا للعالم من كأس العالم وأختم بالقول، لقد أنفقنا في الاعداد لهذه البطولة حتى الآن 220 مليار دولار، لتصبح الأغلى في تاريخ بطولات كأس العالم، وعدلنا الأنظمة والقوانين، وفعلنا كل ما هو ممكن لانجاحها، سعيا لتكون البطولة الأفضل تنظيمياً في تاريخ بطولات كأس العالم، وعوضا عن أن نشكر على ذلك، ها هي حملات التحريض العنصرية المغرضة تزداد وتتطور مع اقتراب البطولة. فبداية، تحججت بحقوق العمال، ثم النساء، ثم الانسان، ثم الشواذ، ثم القطط والكلاب، وغير ذلك، ثم في اخر صيحة، حتى كتابة هذا المقال اتهمت قطر بالتجسس على المشجعين من خلال تطبيقي هيّا، واحتراز، ولن تتوقف الهجمات والمؤامرات، ولن يرضى عنك من أعمى بصيرته الحقد والكراهية والعنصرية مهما فعلت. فاذا كنا نفتخر باقامة هذه البطولة لأول مرة في بلد عربي ومسلم، واذا كنا ندعي أنها بطولة لكل العرب، وأنها تمثلهم، فلتكن كذلك، فبالضرورة هي يجب أن تعكس مبادئهم وقيمهم وأخلاقهم العربية الاسلامية، التي هي في المقام الأول قيمنا وأخلاقنا، ولنقدم نموذجا جديدا في تاريخ بطولات كأس العالم حري بالعالم أن يحتذى به، فلنثبت على ذلك ان كنا على الحق، ونلتزم بمبادئنا وأخلاقنا وقيمنا، ولنقدمها خير تقديم كنموذج حضاري اخر للعالم، الذي يقاتل الغرب مفلس القيم والأخلاق من أجل احتكاره، ولا نتنازل عن ذلك أوعن شيء من سيادتنا، ارضاء لغرور هذا أو عنصرية ذاك، فلن يرضيهم اي شيء، ولنقدم البطولة بطريقنا ونموذجنا الأخلاقي، ومن شاء فليحضر، ومن لم يعجبه ذلك فليبق في بلده. فلا يمكنك ابتزاز دولة ذات سيادة من أجل بطولة رياضية مدتها 28 يوما. وأسأل الله أن تخرج قطر بعد كأس العالم أكثر عزة وقوة وثباتا على الحق والمبادئ أكثر من ذي قبل.