17 سبتمبر 2025

تسجيل

النهاية البائسة

20 نوفمبر 2014

قلنا بالأمس إن القرآن في كثير من المواضع يدعو إلى اتباع الحق والحق فقط، وليس الرجال - على صورهم وأشكالهم المختلفة – قادة كانوا أم ساسة وزعماء، أم كانوا ملوكاً وسلاطين، ومن على شاكلتهم. في القرآن دار حوار جهنمي بين فريقين، هما القادة والأتباع، حيث بدأ كل فريق يلوم الآخر، وهم جميعاً في موقف لا يُحسدون عليه يوم القيامة.. فلماذا هذا التلاوم بينهما؟فريق القيادة أو الزعامات كان في الدنيا يدعو إلى مبادئ وأفكار ومعتقدات، بغض النظر عن صحتها من عدمها، وكان فريق الأتباع يسير خلف الأول، ماشياً حيناً، ومهرولاً حيناً آخر، ويتسارع في اعتناق مبادئ وأفكار ومعتقدات الأول، دونما كثير تمحيص، لأنه إنما يفعل ذلك رغبة أو رهبة.رغبة في الحصول على بعض ما عند الأول من نعيم مادي مزعوم لا يدوم، أو رهبة مما قد ينتج عن زعماء الفريق القيادي من تهور في السلوك على شكل تعذيب نفسي أو جسماني متنوع وخسائر مادية أخرى لا يرغب الأتباع رؤيتها واقعاً متجسداً أمامهم، فليس من بد إذن، سوى اتباع القيادة، حتى النهاية. مشاهد متنوعة من التفاعل البشري غير الصحيح بين فريقين، فريق يدفع ويضغط على الآخر لأن يتبعه ويسلم بذلك، وفريق يضغط ولكن على نفسه كيلا يواجه الأول بسبب قوته وبأسه، وخوفه من فقد مزايا مزيفة.. ثم بعد تلك المشاهد، يظهر التلاوم الحقيقي بين الفريقين، ولكن بعد فوات الأوان. الأتباع يلومون القادة والزعماء، لأنهم السبب فيما هم عليه من بؤس في نار جهنم، ويسألونهم إن كان ما زال بيدهم حيلة أو وسيلة كما كانوا بالدنيا، يستطيعون بها إنقاذهم وأنفسهم مما هم جميعاً فيه، ولكن لا حياة لمن تنادي، فترتفع أصواتهم ساعتئذ: "وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيراً".هكذا إذن النتيجة النهائية.. فريقان خاسران.. وهكذا حال من يعطل حواسه وعقله ويتبع أهواء غيره، ويغتر بالكثرة وبالمال والقوة المادية عند البعض، فيقرر الاتباع دون قليل تأمل وتدبر خطورة الأمر، وهو ما يشجع ويعزز الفريق الأول في الاستمرار على نهجه، منطلقاً من وهم وغرور السيطرة وهو يرى عدد متابعيه يزداد، فيتجبر ويتكبر ويزداد غياً حتى تكون نهايته أليمة هو أيضاً، حيث الحسرة والندامة.. وبئست النهاية تلك.