15 سبتمبر 2025
تسجيللعل القارئ يستغرب من هذا العنوان الذي لا يمكن أن يتوافق، كيف يكون الإنسان ليبرالياً أو إسلامياً في وقت واحد، وهو شيء من التناقض ولكن هذا حاصل هذه الأيام العجيبة، فهناك عدد من الإسلاميين ممن شغلوا بالدنيا وحب المظاهر ولهم حسابات خاطئة يعتقدون بأن الوصول إلى المجد هو عبر الغرب، فإذا تبنوا الفكر الليبرالي سيكون سلماً للوصول وسيرضي الغرب الذي سيمكنهم من الوصول للحكم والمجد وأن يرفعوا شعارات إسلامية لن تغضب الغرب. بينما الغرب نفسه يشعر بسعادة أن هؤلاء قد بدأوا يتنازلون عن ثوابتهم وأنهم سوف ينكشفون للشارع وللعالم بأن هؤلاء براجماتيون أصحاب مصالح يستخدمون الدين سلماً للوصول لأهدافهم وبذا يكون قد حقق الهدف ومنه إضعاف الأطروحات والبرامج الإسلامية التي تدعو للهوية والحضارة التي جاء بها ديننا. هناك عدد من العناصر المحسوبة على الربيع وعلى الإسلام للأسف جرت وراء سراب الغرب ومنهم الناشطة توكل كرمان التي كنت أتمنى لو أنها أخذت دروساً عند أبيها. وأذكر في الستينيات أن أباها وهو الأستاذ عبدالسلام خالد كرمان، قد درسنا ونحن في ربيع عمرنا وكانت كلماته أن الغرب يضع بعراً في ورق جميل صغير ويكتب عليه شوكولاته فهو من خارجه بريق وعليه الاسم ولكن من داخله يحمل شيئاً آخر وأن هناك أغبياء يشترون ذلك. كما أن والدها كان من محبي مدرسة الشيخ محمد الغزالي وغيره من رجال الفكر وتعرض للاضطهاد من اليسار وكان يدافع عن قضايا المسلمين المضطهدين بكشمير وفلسطين وغيرهما، ولكن وإن أرى الناشطة التي تتجول في مؤسسات الغرب التي هي ليست جمعية خيرية ولا صحابة وأولياء ولهم أجندتهم يريدون منها أن تدفع ثمن ما قدموه لها من شهرة وجوائز فقد اختاروها لذلك. ولذا فوجئت بها وهي تدافع عن نظام ديكتاتوري يساري أقرب للشيوعية ورموز شيوعية يمينية ملطخة بالدماء وتاريخها أسود في الحرب على الإسلام والهوية العربية كعبدالفتاح إسماعيل وجيفارا والحمدي وغيرهم وها هي اليوم تدافع عن نظام الملالي العنصري الطائفي الذي يسفك دماء المسلمين في سوريا من خلال مناصرتها لأجندة إيران في البحرين وهي تعرف أن ما يجري في البحرين ليس ربيعاً وإنما هو مخطط هادف لإخراج هذه الدولة والجزيرة من الجامعة العربية وفصلها عن العرب وضمها لدولة مجاورة، وأن الأهداف طائفية وتكرار لما جرى في العراق. فلماذا لا تقرأ السيدة توكل عما يجري في البحرين ولماذا لا تدافع عن مسلمي العراق المضطهدين وعن مسلمي بورما ولم نسمع لها صوتاً عما يجري في بورما وما يجري في العراق؟ ولماذا لا تتكلم عن الجماعات المتطرفة التي تريد إجهاض ثورة الشعب الليبي والتي تدمر في الصومال وعن الفئات التي تسعى لتمزيق اليمن إلى دويلات، للأسف إن ظهور عناصر تتصدر اليوم الإعلام وتستخدم الوسائل لنشر أفكار وآراء مزورة وخداع الشباب، وهناك للأسف عناصر محسوبة على الإسلام اليوم هي أبواق غربية ولا أقصد الشرفاء وأصحاب المبادئ والثوابت الذين للأسف تم تهميشهم ومنعت أصواتهم كالعادة وأصبح الإعلام يصنع أبطالاً ونموراً من ورق كالعادة ممن شغلتهم الدنيا ونسوا آخرتهم ورقابة الله ولقاءه في ذلك اليوم، هناك للأسف عدد من الناس أصبحوا ينفذون أجندة الغرب وأعداء الإسلام ويسعون للفتن وتمزيق الأمة وإثارة الحروب وفقاً لما أراده برنارد لويس وكل المستشرقين والفرانكفونيين والإعلام الغربي. إن الغرب ومن وراء الغرب والإعلام الموالي له يستخدم هؤلاء وبعد ذلك يتخلى عنهم، إنه يريد أن يحقق أهدافه فيهم ويريد أن يحتوي هذا الغضب الشعبي العارم الناجم عن الظلم والقهر والفساد الذي تسبب هو فيه وليعود هو المصلح لشيء هو صنعه في بلادنا. أليس هؤلاء الحكام الذين زالوا كانوا من الغرب وهو الذي صنعهم وهو الآن هو يصنع رموزا جديدة تحت مسمى الإسلام وغيره ويثير قضايا الماضي. نصيحتي للشباب أن ينظروا للمستقبل إذا أراد هؤلاء الشباب ودعاة الربيع أن يفكروا بعقل وليس بعاطفة ويريدوا الإصلاح فعليهم أن يفكروا بمشروع حضاري ولا يستطيعون ذلك قبل تثبيت الأمن والاستقرار وسيادة الدول والبرامج الاقتصادية والتنموية والوحدة الوطنية ويتعلمون من الهند وإسرائيل إذا لا يريدون أن يرجعوا لكتاب الله وسنة رسوله. الهند اليوم سترسل سفينة فضاء والهند اليوم تصنع التكنولوجيا وأوروبا وأمريكا برامج إصلاح كمبيوتراتها من الهند وغير ذلك والسيارات وحاملات الطائرات والكل يخطب ودها هذه الهند فيها السيخ والهندوس والمسلمون بطوائفهم وفيها لغات متعددة وقوميات ولكنها شعب واحد يخدم الهند. وهذه إسرائيل فيها يهود من أوروبا الشرقية والغربية ومن الدول العربية والآسيوية وكلهم يعملون لمصلحة إسرائيل ولا يمانع أي رئيس وزراء إسرائيلي أن يعمل تحت من كان وزيراً عنده ويختلفون ولكن بلادهم وأمنهم يقفون صفاً واحداً. ونحن نريد التمزيق ونتحدث عن الطائفية والعرقية في زمن تجاوز ذلك لأننا لا نقرأ ولا ندري ماذا نريد. صُدم الجميع بصراحة بأن يجد الخلل الأمني والفتن والتمزق، وما جرى في ليبيا وما يجري في تونس والخلل الأمني بمصر والدعوات المتناقضة والصراعات وما يجري في اليمن من دعوات التقسيم تحت أسماء مختلفة طائفية وإقليمية تماماً كما يريد برنارد لويس والذين يخططون وراء الكواليس. للأسف الكل صامت ومشغول بالفرقعات الإعلامية والعيش وراء الماضي والفتن والصراعات والغوغائية ولا نجد برنامجاً ومشروعاً حضارياً في مجال الاقتصاد وبناء الدولة الحديثة والحفاظ على الهوية والوحدة الوطنية، وهناك من هم في حالة فراغ ينظرون للعالم، ولا ينظرون للفقراء والجوعى والمرضى، وكنت أنتظر من هؤلاء كتوكل كرمان أن تحارب حمى الضنك في تعز وتسعى لحملة إنسانية للأطفال والمتضررين وتمد يدها لليونيسيف وجمعيات الهلال الأحمر وتهتم بأبناء اليمن وتدافع عن مسلمي بورما وأطفال العراق بدلاً من انشغالها بالبحرين وهي لا تعرف ماذا يجري فيها وانشغالها بموت الحمدي وهي لا تعرف ماذا يجري من مآس لحمى الضنك بتعز والحديدة وقطع الكهرباء وغلاء الأسعار أم أنها تعيش في برج عاجي هي وغيرها، ولا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.