18 سبتمبر 2025

تسجيل

مجلس التعاون.. حصافة الماضي وطموح المستقبل

20 نوفمبر 2011

أكمل مجلس التعاون لدول الخليج العربية يوم الخامس من مايو الماضي 30 عاماً منذ انطلاقة تأسيسه في العاصمة الإماراتية أبو ظبي عام 1981م ومنذ يوم التأسيس وحتى يومنا هذا الذي نترقب فيه عقد القمة 32 والتي تعد تاريخية وفقاً لمشهد المنطقة والأحداث الجارية فيها الآن فقد جرت مياه كثيرة تحت الجسور طوال الـ 30 عاماً الماضية امتحنت صمود المجلس وفعالية قراراته كتكتل إقليمي ترتكز عضويته على جملة رؤى وملتقيات محلية منوعة من أهمهما البنية الشعبية المشتركة للدول الست الأعضاء. فإلى جانب المسارات الخاصة بمواطني الدول الأعضاء في مطارات دولهم ومشروع العملة النقدية الموحدة التي ربما تأجل الحديث حولها بسبب الأحداث الإقليمية والاتجاه المكثف نحو المحور السياسي لمتابعة ظروف المنطقة والتوسع في إتاحة عضوية المجلس أمام دول جديدة مثل مملكتي الأردن والمغرب اللتين تسربت أخبار عن حضور قادتهما للقمة المرتقبة في الرياض الشهر المقبل ربما لاستكمال عضوية البلدين في المجلس الآخذة مسيرته نحو التنامي والتكامل لمواجهة تحديات المرحلة وظروف المستقبل. بيد أن المواطن العادي هنا في عموم دول المجلس لا يزال يتطلع إلى تفعيل حقيقي إلى جملة القرارات المتعلقة باستحقاقه من الخدمات وتكامل الحقوق الخاصة بالتملك ومزاولة التجارة وغيرها من المزايا التي أقرت ضمن سلسلة القمم والقرارات الخليجية. فقد قام المجلس عند تأسيسه في ظروف استثنائية لازمت المنطقة إثر الحرب العراقية الإيرانية فركز بعض الاهتمام في بداياته نحو البنية التنموية المحلية وتفعيل التعاون المشترك في المجالات البعيدة عن المحاور السياسية والعسكرية وفقاً لرؤية تبعد فكرة التكتل عن تلك المحاور الإستراتيجية حتى أن اسم المجلس جانب لفظة الخليج العربي تجنباً لاستفزاز الطرف الإيراني الذي يدعي فارسية مياه الخليج ويتبنى أجندة ثورية معلنة لتصدير ثورته التي انطلقت قبيل تأسيس المجلس بأشهر معدودة. وحقيقة يجب أن يدون جيلنا الحالي وكل الأجيال اللاحقة من أبناء دول المجلس إعجابهم بفكرة تأسيسه التي توافقت إرادة مؤسساتنا السياسية عليها رغم حداثة بنيويتها إلا أن الفكر هنا كان عميقاً وذكياً أنجب مؤسسة مشتركة واجهت جملة من التحديات والظروف كان أبرزها الاحتلال العراقي للكويت ومؤخراً ظروف دولة البحرين وتبني المبادرة الخليجية بشأن اليمن والإسهام في معالجة ظروف بعض الدول العربية التي أنجبها الربيع العربي المعاصر. أيضاً ظل المجلس محاربا نشطا طوال عهده ينحو صوب التنمية في حالات السكينة والهدوء في المنطقة فحقق جملة من الإنجازات التنموية العملاقة كشبكة الربط الكهربائي والتوحد في الإجراء الجمركي ومعاملات التأمين الوظيفي وغيرها. فالتجربة الخليجية ناجحة بكل المقاييس كما أن دول المجلس بمكونها وقدراتها وخبراتها عام 1981م ليست كما هي الآن في العام 2011م لا في مجرد محيطها الجيوسياسي فقط بل تسجل حضوراً دولياً مؤثراً في مجالات السياسة والاقتصاد وتمثل بنيتها القانونية في شكل أنظمة الحكم والعلاقة بين السلطات والمواطنين أنموذجا ناجحاً للإدارة تبعاً لجملة التحديث والتطوير المتبعة هنا وهو ما يستحق الوقوف عنده وإبرازه كتجربة عالمية ناجحة استطاعت أن توفر مستويات متميزة للتعايش والشراكة. ومن جانب آخر نعود إلى انضمام الأردن والمغرب إلى عضوية المجلس وملف انضمام اليمن والحديث عن انضمام العراق ومصر لهذه العضوية التي يحسبها البعض كلفة اقتصادية للدول الأصل المؤسسة وتتباين حولها العديد من الآراء محلياً وعالمياً فيذهب البعض هنا إلى ضرورة الاستفتاء الشعبي لأي توسع في العضوية كتأكيد على أهمية مشاركة المواطن المحلي في بنية المجلس ومستقبله وكما كانت الدعوة إلى إنشائه برؤية سياسية وطابع تنموي تعود انطلاقة المرحلة الثانية بضرورة يحكمها استحقاق مسيس يفرضه وقت حرج لا يحتمل سوى التراص والاصطفاف وتغليب الحكمة دائماً. فكما كان المجلس حصيفاً في إدارة الأزمة مع الطرف الإيراني إبان الحرب العراقية الإيرانية تجنبت فيها دولنا المواجهة والتصعيد بفهم مشترك واستيعاب لفرضية التعايش فندرك أيضاً عمق الفهم القيادي للمجلس للتعامل مع الظروف والأطروحات الدولية وإملاءاتها بشأن الملفات الإيرانية الساخنة للخروج بمعادلة تجنب المنطقة أية أزمات لاحقة حيث لا تزال بعض دولنا تملك اتصالاً فعالاً مع الطرف الإيراني. أيضا في مجمل الملفات العربية المطروحة هناك مخارج يستوعبها القادة لرسم مستقبل أقل ضرراً على مصالح العموم ومستقبل الشعوب. [email protected]