15 ديسمبر 2025
تسجيلإنها ليست مجرد أرشفة إلكترونية لمخطوطات وكتب ودوريات ما قامت به وتقوم به مكتبة قطر الوطنية، بل هي حفظ لذاكرة المنطقة بتاريخها وثقافتها وإبداعاتها، فبالإضافة إلى أن المكتبة توفر لأعضائها أكثر من 350 ألف كتاب إلكترونيّ وأكثر من 70 ألف دورية إلكترونية، وحوالي 4 آلاف كتاب مسموع من خلال 200 مصدر إلكتروني، وبما يعادل 3.5 مليون صفحة من الوثائق بحسب تصريح مدير شؤون المبادرات الرقمية بمكتبة قطر الوطنية، إلا أن الإرث الكبير للمنطقة يتمثل بما وفرته مكتبة قطر الوطنية من خلال شراكتها مع المكتبة البريطانية بتوثيق وأرشفة سجلات الأرشيف البريطاني، والتي ابتدأت عام 2012 وتستمر لمدة عشر سنوات برؤية حكيمة من صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمعات، حيث أسفرت هذه الشركات وخلال مراحلها الأولى والثانية عن رقمنة مليون ونصف المليون صفحة، مُتاحة الآن من الوثائق التاريخية للمنطقة ومخطوطات العلوم العربية الإسلامية، وهي بذلك تعدّ أكبر مستودع رقمي في العالم على الإنترنت مُتخصص في مجال تاريخ منطقة الشرق الأوسط الحديث، ولاشك أن سجلات الأرشيف البريطاني حول تاريخ المنطقة يسلط الضوء على حقبة مهمة من تاريخ المنطقة وثقافتها؛ نظرا للدور الكبير التي لعبته بريطانيا في المنطقة خلال الـ 200 سنة الماضية، كما أنها وفّرت ثروة هائلة من المعلومات يمكنها أن تُعمق فهمنا لتاريخ الشرق الأوسط ومنطقة الخليج تحديدا، وكذلك رقمنة آلاف المخطوطات العربية التي تعود إلى العصور الوسطى وتبرز إسهام العلماء المسلمين في مجالات العلوم والطب والرياضيات والهندسة، إن المتصفح لبوابة الأرشفة الإلكترونية يجد أن الأرشفة تمت وفق أعلى المواصفات والمعايير العالمية، فبالإضافة إلى عرض المحتوى الرقمي يستطيع الباحث حصر الوثائق المطلوبة حسب مصدر الوثيقة أو من خلال تحديد الموضوع العام أو من حيث المكان أو نوع الوثيقة أو حسب الأشخاص والمؤسسات أو حسب الجهة المالكة أو حسب الفترة الزمنية، مما ييسر على الباحث خيارات البحث، والتي تقدمه المنصة الإلكترونية، وما إن يصل الباحث إلى الوثيقة التي يسعى إليها سيجد نفسه إمام جهد جبار ومنظم للوثيقة التي تظهر له، فبالإضافة إلى الجودة عالية الدقة للوثيقة، سيظهر له ملخص لمحتوى الوثيقة، سواء من حيث الموضوعات التي تضمنها السجل ويحتوي هذا الملخص على شكل الوثيقة، ترتيبها، خصائصها المادية، لغة الكتابة والنوع، بالإضافة إلى الملخص سيظهر للباحث معلومات أرشيفية عن السجل كرقم الاستدعاء وإتاحتها وتاريخ السجل.. ولأغراض بحثية يتيح الموقع لكل وثيقة أو سجل مرجعية السجل لاستخدامها كحقوق المؤلف والمرجع العلمي. ولا شك أن الباحثين والمهتمين بمنطقة الخليج العربي يتطلعون إلى بدء المرحلة الثالثة من الشراكة التي ستنطلق في يناير 2019 لمواصلة رقمنة وثائق المكتبة البريطانية وسجلاتها التاريخية المهمة حول منطقة الخليج والأرشيف العثماني، والتي ستشمل رقمنة 900 ألف صفحة جديدة من الوثائق والسّجلات، بالإضافة إلى مخطوطات المؤلّفات العربية في مجال العلوم والطبّ والهندسة والفلك أغلب التقارير والخطابات والوثائق التي اختيرت للمرحلة الثالثة هي محتوى جديد تماماً على الباحثين، حيث لم تكن مفهرسة، ولم تُنشر من قبل، وتساهم في تعميق فهمنا لتاريخ دولة قطر ومنطقة الخليج عموما. وما يميز هذه الشراكة تواجد طلبة قطريين ضمن فريق الأرشفة، مما يكسبهم مهارات وخبرات يثرون بها مكتبة قطر عند عودتهم، كما أن الشراكات المستقبلية مع مكتبات عالمية سيثري مخزون المكتبة الرائدة في المنطقة والعالم ويجعله متاحا أمام المهتمين وإرثا للأجيال القادمة سيسجل التاريخ بكل فخر أن دولة عربية استطاعت بفضل رؤيتها أن تحفظ تاريخ وإنجازات الأمة عبر الزمن ويجعله متاحا للجميع.