19 سبتمبر 2025
تسجيلكان التعليق الروسي على الرفض السعودي لعضوية مجلس الأمن مؤخراً هو الأكثر حدة بين ردود الفعل العالمية الواسعة التي صاحبت هذا القرار الجريء ؛ حيث اعتبرت موسكو أن الموقف السعودي يمثل تخلياً عن العمل الجماعي الرامي على إحلال السلام في العالم. ومع التباين المستمر في المواقف والآراء بين البلدين في الكثير من المواقف خاصة فيما يخص الوضع السوري والذي تتبنى فيه البلدين مواقف متضادة وصلت إلى حد التهديد العسكري الروسي للسعودية كما حدث في يونيو الماضي. وربما يأتي الموقف السعودي برفض المقعد الأممي في مجلس الأمن بعد الترشح له بقوة 176 صوتاً ؛ يعد ضمن حزمة المواقف السعودية حيال الموقف السوري الذي تضمن فيه روسيا بحكم عضويتها الدائمة في مجلس الأمن وحق النقض " الفيتو " المتاح لها ووفقاً للتركيبة القانونية لأنظمة المجلس أن تسقط ما تشاء من القرارات الدولية المتعلقة بسوريا لتظل الحالة هناك متاحة للنزاع الدولي والابتزاز للدول الأقل عضوية أو حتى المساومة مع الدول الكبرى التي خذلت العالم أجمع بينما لا تزال عوالق السلاح الكيماوي السوري قابعة في الأجواء والأذهان مخلفة من صور القتل المروعة ما يحرج الضمير العالمي ومؤسساته. فالعالم يعيش خذلاناً مكرساً من مؤسساته العالمية. لاسيَّما نحن العرب حيث حفظنا عن ظهر غيب أروقة ودهاليز الأمم المتحدة وقراراتها وقرارات مؤسساتها التنفيذية منذ تدويل قضية الصراع العربي الصهيوني واحتلال فلسطين منذ 65 عاماً ؛ فالقرارات تتوالى دون أن يصار إلى تطبيق ما يؤسس للثقة في النظام الدولي وقراراته ؛ فلا قرارات فُعلت ولا حقوق أُعيدت بل نُصفع غالباً " بالفيتو تلو الفيتو " فالإنسان العربي ممتلئ بالإحباط ولا يعول أبداً على قرارات الأمم المتحدة ولا مجلس أمنها رغم احترام العرب التاريخي لهذه المؤسسات والعمل الطويل ضمنها ودعمها الواسع لكل أنشطتها ومشاريعها ؛ فالسعودية وهي تعتذر عن الحضور في المقعد الأممي فهي تُعبر عن لسان الحال لكل العرب ممن امتهنت كرامتهم واستبيحت دماؤهم علناً أمام أعين العالم دون أن يُفعل مجلس الأمن قراراته ويوقف المهزلة العالمية في العمل الدولي الذي يكيل بمكاييل مختلفة ويعدل معاييره وفقاً لمصالح فئة على أخرى مما يفقد المنظمات الأممية مصداقيتها حيال الأزمات العالمية. وحيث بررت الخارجية السعودية موقفها الرافض للعضوية بجملة مبررات جاء في بعضها المطالبة بإصلاحات جوهرية في أسلوب عمل مجلس الأمن حتى يصار إلى تعميم السلم العالمي وحفظ حقوق الإنسان بمعايير واحدة. كما أشير في البيان الذي قدرتهُ بتفهم واحترام العديد من الدول والمنظمات إلى الحديث عن موضوع نزع أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط ؛ إذ يواجه الإنسان هنا تمايزاً ملحوظاً بين دولة وأخرى في اكتساب هذا الحق. فالعراق مثلاً راح نهباً تبعاً للتبرير بنزع أسلحته النووية التي لم نشاهد منها شيئا بعد الغزو العراقي بل تحول الموقف الأممي الذي برر للقوى العالمية محاربة العراق وغزوه لتحال أراضيه إلى ساحة للصراع في غموض غريب وممارسات أممية توظف القرار فقط للهوى القوي في المجلس. عموماً مع الامتعاض الروسي من الموقف السعودي هناك دول مثل فرنسا كانت تؤيد الموقف السعودي في إشارة يمكن فهمها إلى التوجه السعودي نحو تفعيل تحالفات سياسية غير تقليدية ضمن سياستها المعروفة خاصة بعد التراجع الأمريكي عن قرار حسم الموقف عسكرياً في سوريا وهو ما يجعل الموقف السعودي يبحث عن الفعالية والتفهم العاقل لمجريات الأحداث وصياغة الحلول بعيداً عن المصالح والمقايضات.