14 سبتمبر 2025
تسجيلمن مجتمع القهوة إلى نادل القهوة! بثينة محمد الجناحي أعتبر نفسي معجبة من الطراز الكلاسيكي خاصة عندما أتعمق في القراءات عن مجتمعات القهوة، ممكن سبب الاعجاب له علاقة بالفضاء الخاص بهذه المجتمعات، ذوق رفيع المستوى، لمسات مترفعة عما تجده خارج إطار هذا الفضاء، بل وتفرد للموسيقى، تفرد للنقاش، وتفرد للفنون، وتفرد لحضورك حتى، وكأنك تشعر بأنه استمتاع لك عن غيرك من المجتمع من هم خارج الفضاء التفردي الذي أنت فيه. باختصار تشعر بتميز الحضور وتفرد المشهد ورفعة المكانة. وهذه الميزة من التفرد تغيرت في نمطها بالتأكيد على مر السنوات، كما إنها تأثرت بالمصلحة السياسية أحياناً. ولكن بغض النظر عما كانت تحمله بعض من مجتمعات القهوة الغربية من خفايا سياسية، يظل هذا الفضاء مبهرا بالنسبة لي من ناحية المستوى الذي كانت تحمله فيها الثقافة وكأنني أشعر بأن كل الثقافة تكمن في مكان واحد. تخيل المزيج بين الموسيقى، التواصل، النقاش، الكتابة الصحفية، وقدرة القلم على تغيير وجهات النظر من نفس ذلك الفضاء، بالإضافة إلى الشخصيات الرفيعة، كل تلك الشخوص والأشياء والرمزيات في مكان واحد. من هنا، أدركت أن للثقافة مكانها في الفضاءات التي ترمز لنواحي التعبير والتفردية الذاتية لا لحصرها الوظيفي والعملي لرسم الأشياء بحدود المؤسسة. ولا ننكر أن الثقافة قد تكون مفرطة أحياناً لدرجة تعميمها على كل شيء، وأحيانا تكون ضيقة جدا لدرجة اختيارها لبعض من الشيء. فأين أنت من المنظور رفيع المستوى والمتفرد، والمنظور محدود النظر والعملي زيادة عن اللزوم؟!. أجد أنه على قدر اتساع المفهوم وتبنيه لعدة قيم وسلوكيات وممارسات، إلا إنه لا يزال يتطلب تخطيطا شموليا قادرا على أن يدخل في محور مجتمعات القهوة وتزامنها الحديث والابداعي لزمن اليوم ومجتمع اليوم، كما إنه قادر أن يبني أسسه على النمط العملي أيضاً وصولاً لكافة طبقات المجتمع وصولاً إلى نادل القهوة! وهذه القدرة على بناء التخطيط الشمولي للثقافة تتطلب التعلق بشكل كبير وواسع في المفهوم لدرجة الفضول في الانخراط فيما لا تفقه فيه وقد تنظر إليه بنظرة جافة إدارية محصورة بين الكم والنتائج، كما إنه يتطلب الوعي في الفروقات التي ينظر من خلالها الثقافة، لأنك قد تكون عملياً لدرجة تعميمك للمفهوم على كل الفئات بدون وضع الفروقات العمرية والتصنيفية في عين الاعتبار. وإن ظلت الثقافة محصورة على النظرة العملية، فلا بد أن تبنى من خلالها الحكمة العملية بحسب ما وصفه أرسطو، حيث فسرها على أنها تمكن البشر من إيجاد طرائق مناسبة للفعل في سياقات محددة. دعنا لا نحد من هذا التعريف على أنه احتكار للثقافة على قدر تبني المفهوم للسياقات المحددة التي تعكس وجودك من ضمن مجتمع، كما تعكس سياقات المجتمع من ضمن هويتها الخاصة. لذلك هي مجال كامل من الممارسات والتي تعني بشكل رئيسي المحافظة على الجماعات الاجتماعية. وأضع على كلمة المحافظة عدة خطوط حمراء كدليل على أهميتها ودلالاتها في التأكيد على أهمية الجماعة الاجتماعية والتي لها دور رئيسي (عملي) وناعم (اجتماعي) في ترسيخ وتثبت وتجديد وتأصيل الممارسات، التمثيلات والتشكيل المطلوب للمفهوم. كما يجب أن نستيقن بأن كل شيء يعتبر ثقافة، ولا حصر للمفهوم على مؤسسة عن أخرى، لأن جميع المؤسسات تعتبر ثقافية بطريقة ما وبأسلوبها المحدد. إنما هي سلوكيات، قيم، معايير، قدرات وإمكانيات ممكن أن تكون تمثلات في أبسط الممارسات إلى أكثرها تعقدا من الناحية العملية. فالقهوة على سبيل المثال ليست ثقافة ولكن طريقة شربها وطرق إعدادها تعتبر ثقافة، العمل كوظيفة ليس ثقافة ولكن تمثلاتك في العمل من ملبس تقليدي وهوية خاصة تحملها معك يعتبر ثقافة، وقس هذه الأمثلة على مستويات ابداعية أخرى وفنية وأدبية ومسرحية وتقليدية بوصفها واقعاً مادياً وتجربة معيشة في نفس الوقت، فهي ازدواجية من الصعب التضييق عليها حتى لا تخلق شعوراً مصطنعاً أكثر ميولاً للجمود للمفهوم خاصة عندما ينعكس عليك أنت أولاً وعلى المجتمع الذي أنت فيه. لذلك الثقافة تظل انعكاسات لكل شيء، هي تعريف سائب أحيانا كثيرة ولكن يظل الخطأ موجودا ومستمرا في تثبيط المفهوم على ان يظل حكراً في تعريفه الوظيفي.