11 سبتمبر 2025
تسجيل(1) إذا عرّجنا في الحديث على ذكر أوائل أفراد الكشافة القطرية منذ تأسيسها لأول مرة في خمسينيات القرن الماضي، فإن الدكتور علي خليفة الكواري يكاد يكون أبرزهم.. فهو من المؤسسين للحركة الكشفية، وقد التحق مع طلاب المدرسة الابتدائية لأول مرة في عدة رحلات كشفية وله صور نادرة ما زال يحتفظ بها وتدل دلالة كبيرة على تعلقه بالعمل الكشفي وحرصه على الاحتفاظ بتلك الذاكرة الجميلة وتخليدها عبر مذكراته الشخصية حتى اليوم، وهي منشورة في صفحة موقعه الإلكتروني على الانترنت ومفتوحة للجميع للاطلاع عليها والتي نتذكر فيها عصر الخمسينيات الذي ولّى وبقيت لحظاته عالقة في صورها فقط. (2) ولد علي الكواري عام 1941م في بلدة (الغارية) التي تقع في شمال شرق قطر الساحلي في بيئة مثقفة، وتعلم من والده الكثير من الخصال بسبب حياته التي قضاها في الغالب مع أهل البحر ورحلات الغوص على اللؤلؤ، وجالس شاعر قطر الفحل محمد بن عبدالوهاب الفيحاني المتوفى سنة 1939 م عليه رحمة الله. ووالده أيضا كان من الرجال الصالحين والزهّاد في هذه الدنيا.. فقد عاصرت أواخر سنوات عمره في منزله بفريق ابن عمران وكنت أتردد على زيارته بوجود بعض المعمرين من شيبان أهل قطر ومنهم على سبيل على سبيل المثال لا الحصر: - حسن بن جاسم الجواسم الكواري - علي بن سيف المناعي - مبارك وأحمد بن ساهين الكواري - عفصان بن إبراهيم الكواري - يوسف بن ابراهيم البن غيث الكواري.. وغيرهم، حيث كان ابنه الدكتورعلي بن خليفة أول الحضور مع والده في تلك الأيام الجميلة التي لا تنسى خاصة عندما يتحدثون عن فترة المعيشة في بلدة الغارية منذ عام 1905م وحتى مغادرتها الى الدوحة العاصمة مع اكتشاف النفط في قطر. (3) وبالنسبة لحياة الدكتور علي خليفة الكواري فقد قامت على الكفاح والمثابرة والجلد والصبر حتى حقق مراده من التسلح بالعلم وواصل دراسته الابتدائية بـ (مدرسة قطر الابتدائية 56/57) والإعدادية فالثانوية.. ومن ثم درس البكالوريوس في سوريا (جامعة دمشق) في مجال التجارة عام 1971م، وحصل على شهادة الزمالة من جامعة هارفارد البريطانية 78/79 والزمالة من جامعة أوكسفورد 1979م والدكتوراة أيضا.. فكان أول شخص قطري ينال درجة الدكتوراه، وكانت من المملكة المتحدة في بداية السبعينيات وما زال يعطي بقلمه وعلمه الغزير وثقافته الواسعة حتى الآن.. وله مؤلفاته التي لا تعد ولا تحصى.. ورغم تقدمه في السن ووصوله لسن الثمانين تقريبا، إلا أنه ما زال يحب العلم والكتابة وبخاصة في مجال التركيبة السكانية والدراسات الاقتصادية والديمقراطية ونحوها. (4) دخل علي الكواري الحركة الكشفية منذ وقت طويل إبان وجوده في المدرسة الابتدائية في الخمسينيات، وله صورة فوتوغرافية نادرة (تنشر مع هذه السطور) تؤكد على تعلقه بالنشاط الكشفي في تلك الأيام التي لا تمحى من الذاكرة.. وقد أفادني بأن السيد (رفيق النتشة) كان صاحب التشجيع له على دخول المجال الكشفي بحكم مسؤولياته في تلك الأيام وبخاصة عام 1956م.. وكذلك كان الاهتمام موجودا من قبل السيد (محمد مرسي) مدير مدرسة خالد بن الوليد الابتدائية (المدرسة القديمة)، وهي فترة لا يمكن نسيانها، حيث التحق بها الكثير من طلاب المدارس في فترة الخمسينيات من القرن الماضي.. وكانوا يؤدون رسالتهم على أكمل وجه وبكل حماس وجلد حبا في العمل الكشفي والتطوعي، بغية تعلم المزيد من المهارات مثل الاعتماد على النفس والصبر والتعاون بروح جماعية. (5) ارتبط الدكتور علي الكواري بصداقة طويلة الأمد بموسيقار قطر الراحل عبدالعزيز ناصر عبيدان المتوفى عام 2016م، وكان يزوره باستمرار في مجلسه الخاص وبينهما علاقة قديمة كانت تحمل هاجس الثورات العربية والدفاع عن قضايا الأمة ومنها قضايا العروبة والأمة العربية التي كانت تثار بين الحين والآخر كالقضية الفلسطينية، وتجاوزات الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية في فلسطين واحتلال لبنان، وكذلك كثرة النقاش حول الديمقراطية في المجتمعات العربية.. وغيرها. (6) كلمة أخيرة: الحديث عن رعيل الكشافة الأول ذو شجون.. ونحاول من خلال هذه السلسلة توثيق مسيرة هذا الرعيل وأعلامه وأبرز إنجازاته وجهوده للارتقاء بالوطن والمواطن في زمن لم يعد التوثيق فيه ينال من الجهات الثقافية الاهتمام المطلوب.. نتمنى الاهتمام بهذا الميدان المغيّب عن البحث والتنقيب لأن المعلومات حوله ما زالت شحيحة. [email protected]