11 سبتمبر 2025
تسجيليعتبر علم إدارة الأزمات تاريخاً يتجلى في قصص ترويها أحداث جسام مرت على أرض بلادي قطر، وهو أيضاً علم تعلمناه من المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني مؤسس دولة قطر، القائد العسكري والقاضي المفتي، الفارس والشاعر، صاحب النخوة والشهامة، والذي خاض حروبا عديدة للدفاع عن قطر وأهلها، ولم تثنه المخاطر عن اقتحام الصعاب وردع الظلم وإجارة المظلوم، وقد أدار الشيخ جاسم بن محمد وشيوخ القبائل القطرية الأزمات في تلك الحقبة بحكمة واقتدار، وبرهن على مقدرته المتميزة في إدارة الأزمات الخطيرة والتحديات الداخلية والخارجية التي مرت بها البلاد، معتمدا على إيمانه بالله تعالى وعلى العلم والمعرفة والاخلاق الإنسانية والتعاليم الإسلامية والعربية. واتخذت دولة قطر نفس النهج واتسمت به على مر العصور والأزمان في معالجة الأزمات الإقليمية والدولية، منها على سبيل المثال لا الحصر أزمة دارفور في السودان، واتفاق السلام بين أمريكا وحركة طالبان والتي انتهت بتوقيع اتفاق تاريخي في الدوحة بداية العام الحالي 2020، وانتهت حرب استمرت لأكثر من 18 عاماً، وأزمة الحصار "الأزمة الخليجية" ومن صاحبها من أزمة الغذاء والدواء والمواد الأولية لمشاريع كأس العالم 2022 ومشاريع البنى التحتية، وأخيراً أزمة جائحة فيروس كورونا (كوفيد - 19). وواجهت دولة قطر أزمات وصراعات متعددة على المستوى المحلي والإقليمي خاصة مع دول الجوار، والقوى الإقليمية في حقبات زمنية مختلفة، وهذا ما أكده الخبير القطري، مبارك بن محمد الخيارين، الخبير في شؤون تاريخ الخليج العسكري، في حديث له مع الأناضول، أنه كانت هناك صراعات تاريخية بين قطر ودول الحصار وحروب كذلك فيما بينها. ونستطيع القول إن دولة قطر حققت إنجازات كبيرة وانتصارات في شتى الأصعدة، تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وشملت كل جوانب الحياة؛ الامن الاقتصادي، السياسي، الصحي، التعليمي، الثقافي، الرياضي، الإعلامي، الاجتماعي. ودون أدنى شك فقد تميزت قيادة سموه الرشيدة بحسن إدارة الازمات منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد يوم 25 يونيو 2013، وأثبت سموه حفظه الله ورعاه براعة في كيفية إدارته لأزمة سحب السفراء عام 2014، وتأكد ذلك في نهجه في إدارة أزمة الحصار عام 2017، وحسن إدارة أزمة جائحة فيروس كورونا "كوفيد - 19". رؤية مستقبلية وكل ما سبق يؤكد لنا أنه من بطون المحن يولد الإبداع؛ لذا يأتي هذا المقترح تأسيس مركز لتوثيق ودراسات إدارة الأزمات كبادرة وليدة هي نواة لمستقبل مشرق، فسجل دولة قطر حافل بالعديد من قصص النجاح في إدارة الأزمات والكوارث المحلية، الإقليمية والدولية، وهذا الإرث كنز يجب توثيقه وحفظه وتدريسه لأجيال القادمة. لذا جاءت فكرة تأسيس مركز لتوثيق وإعداد سجل لقصص نجاح دولة قطر في إدارة الازمات والكوارث، ويهدف المركز إلى جمع تلك قصص إدارة الأزمات والإنجازات ورصدها وتوثيقها ووضع الخطط والبرامج لتضمينها ضمن المناهج الدراسية، والخطط والبرامج التدريبية في التعليم الأساسي والتعليم العالي لخلق جيل واع بإدارة الازمات وطرق حل المشكلات والتحديات، كما يُعنى بالعمل على تصميم وإعداد برامج وورش عمل ودورات تدريبية مُتخصصة في مجال إدارة الازمات وتطوير البرامج التخصصية المتعلقة باستثمار طاقات الشباب من خلال العمل التطوعي في مواجهة المخاطر والأزمات.