14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يخطئ من يظن أن المثقف لا يخاطب إلا نفسه، وأن إبداعه، ليس حكراً سوى عليه، ولذلك يطلق خياله إلى إنتاج قد لا يراوح مكانه، ولا يتخطى حدوده، إيماناً منه بأن إبداعه لنفسه، وأنه كمثقف ملك لذاته، وفق ما تنتجه قريحته. وجهة النظر السابقة، تخيلها كثيرون، ولكن تعاطى معها قليلون، إلا أنها رغم ذلك، تكاد تصبح أشبه بالظاهرة في عالم الإبداع، وخاصة إذا تعرض المنتج الأدبي إلى دراسة نقدية، سرعان ما يرى أصحابها، أنها تجور عليهم، وأنها كانت أولى بأن تنحى إلى إنصافهم بأن إنتاجهم الأدبي، ليس له مثيل، وأن غيرهم من المبدعين قد عقموا أن ينتجن مثيلاً له.لا يعني الأمر هنا، حصر العمل الإبداعي في شريحة المثقفين، أو أن الإبداع قاصر عليهم، دون غيرهم. ولكن لكون الثقافة ذات إطار عام، فإنها يمكن أن تستوعب المبدع، وغيره من أصحاب الأفكار والأيدلوجيات، علاوة على غيرهم من مبدعي المعارف ومنتجي المكتسبات.لذلك، ليس بالضروري أن يكون كل مبدع مثقف في ظاهره، ولكن حتماً فإن كل مثقف هو مبدع في إنتاجه، بما يضخه من أعمال، ليست بالضرورة أن تكون أدبية، ولكنها يمكن أن تتجاوز إلى أعمال متنوعة من المعارف الإنسانية والعلوم الاجتماعية، للدرجة التي يغالي معها البعض في أن العلوم التطبيقية ذاتها، يمكن أن يُدرج صاحبها في دائرة المثقفين.لسنا هنا في سياق تعريف المثقف أو الخوض في تفاصيل ماهية الثقافة، أو مناظرة المثقف مع المبدع، بقدر تأكيدنا على أن الثقافة ما هي إلا فضاء واسع من المعارف والإبداعات والمكتسبات، وأنها وعاء للعديد من الأفكار، وأن هذا البحر الواسع من الثقافة يمكن أن يستوعب كثيرين، ما يجعله من القوة الناعمة بمكان، وبالشكل الذي يضعه أيضاً في مكانة مرموقة.هذه المَيزة للثقافة أصبحت تتحدث عنها الكثير من الدوائر المختلفة بدول العالم، لدرجة أن البعض وضعها في مواضع تناظر فيها السياسة، وأنها يمكن أن تقوم بأدوار تفوق تلك التي يقوم بها "فن الممكن"، إذا أراد البعض حصر السياسة في هذا المفهوم، ما يجعل للثقافة أهمية بمكان في عالم، لا مكان فيه سوى لأصحاب العقول المبدعة، والطاقات الخلاقة.