26 أكتوبر 2025

تسجيل

قراءة في تطورات الأزمة الليبية

20 سبتمبر 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في الوقت الذي كانت فيه حكومة الوفاق الوطني تحارب تنظيم الدولة وتتكبد من أجل ذلك مئات القتلى والجرحى قام برلمان طبرق بضغط من الفريق حفتر برفض منح الثقة لحكومة الوفاق للمرة الثانية وطلب من المجلس الرئاسي إعادة تشكيل حكومة أقل عددا وأكثر تمثيلا لليبيين وبناء على ذلك انطلقت برعاية الأمم المتحدة جلسات الحوار بين الفرقاء الليبيين في تونس لكن حفتر الذي رفض الاجتماع بمارتن كوبلر والاستماع إليه والذي لا يعترف بحكومة الوفاق ولا بالأجهزة المنبثقة عنها تمكن عن طريق وكلائه من إفشال هذا الحوار الذي دام ليومين في تونس لتعود الأزمة الليبية إلى مربعها الأول ولم يكتف حفتر ولا برلمان طبرق برفض التصديق على حكومة الوفاق أو النظر في الأفكار والحلول التي قدمها المجلس الرئاسي في جلسات الحوار وما بعدها بل قامت قواته بدعم من مجلس نواب طبرق وحكومته الانتقالية المتواجدين في شرق البلاد وبضوء أخضر من راعيه الإقليمي باحتلال منطقة الهلال النفطي التي تضم أكبر موانئ التصدير ورغم استنكار الدول الكبرى لعملية البرق الخاطف هذه في بيان لها عبر ممثليها واعتبارها احتلال الموانئ النفطية عملا من شأنه إلحاق الضرر بالبنى التحتية للطاقة ولعمليات التصدير ودعوتها لقوات حفتر بالانسحاب إلا أنها لم تتخذ موقفا رادعا من حفتر وقواته التي لم تحرز أي تقدم ملموس في حربها على الإرهاب بل وتمارس الإرهاب على حكومة الوفاق الوطني المنهمكة في حربها على تنظيم الدولة في سرت وهو الأمر الذي جعل بعض المحللين يشككون في صدق هذه الدول بل وذهب بعض المراقبين إلى أبعد من ذلك وقال إن حث الدول الكبرى وتشجيعها لحكومة الوفاق الوطني لمحاربة تنظيم الدولة إنما كان لاستنزافها وفتح الطريق أمام قوات حفتر لتمضي قدما في مشروعها الاستئصالي الذي لا يقبل الشراكة مع الفرقاء الليبيين. عملية البرق الخاطف التي نفذتها قوات حفتر تتوخى تحقيق جملة من الأهداف منها إفشال ومنع أي حوار بين الأطراف الليبية لإحداث توافق بينها يخرج البلاد من أزمتها، فحفتر كما أظهر مرارا لا يعترف بغيره ولا يريد لأحد أن يشاركه في الحكم وثانيا تحويل الأنظار عن النصر الكبير الذي حققته عملية البنيان المرصوص على تنظيم الدولة في سرت بل ومحاولة إعاقة هذه العملية التي تشهد الآن المرحلة الأخيرة وثالثا زيادة معاناة حكومة الوفاق الوطني المنهمكة في تطهير سرت من بقايا تنظيم الدولة بحرمانها من الأموال التي كان من الممكن أن تتحصل عليها للإنفاق على وزاراتها ولتلبية حاجات المجتمع الليبي وهي حكومة كانت على وشك أن تستخدم هذه الموانئ لبدء التوسع في عمليات التصدير ورفع الإنتاج إلى مستوى أكبر وستثبت الأيام ما إذا كانت عائدات النفط الذي بُدئ بتصديره ستوجه لليبيين أم سيحرمون منها خاصة أن المؤسسة النفطية الرسمية التي تعترف بالمجلس الرئاسي أعربت في بيان لها موقع من رئيسها مصطفى صنع الله عن مساندتها لقوات حفتر التي يطلق عليها مجلس النواب اسم "الجيش الوطني الليبي". ورابعا محاولة التأثير سلبيا على موقف المجتمع الدولي من حكومة الوفاق الوطني التي بدأت تنال تأييد الحكومات الغربية بعد نجاحاتها الأخيرة ضد تنظيم الدولة في سرت وكانت هذه الدول قد عبرت عن تأييدها بإرسال الوفود إلى طرابلس ومصراتة وخامسا إشعار الدول الغربية والأمم المتحدة أن قوات حفتر قوات مؤثرة على الأرض وأن بيدها ورقة النفط وهي وإن أعادت تصديره إلا أن بإمكانها وقف تصديره من جديد إذا أرادت وسادسا محاولة شق صفوف المؤيدين لحكومة الوفاق وسابعا التمادي في عدم الاعتراف بحكومة الوفاق وإنجازاتها والفصائل المساندة لها والمضي قدما في مشروع حفتر المؤيد من القاهرة والقاضي بالسيطرة على ليبيا واستنساخ نظام شمولي فردي على غرار نظام القذافي سابقا أو السيسي حاليا. الأزمة الليبية لا يمكن أن تحل بالطريقة الحفترية القائمة على إقصاء كل الأطراف وإنما تحل بمصالحة وطنية تتسع لجميع القوى الفاعلة في المجتمع الليبي وإذا استمر الفريق حفتر على طريقته وإذا لم يضغط عليه المجتمع الدولي الذي تركه حتى الآن ينزع الشرعية عن الحكومة المعترف بها وتركه يحرمها عمليا من المال اللازم للتسيير ــ فلن يكون لأي حوار راهن أو قادم أي نتائج تؤدي إلى انفراج الأزمة الليبية فما يفعله حفتر اليوم على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي يؤكد أنه بصدد اغتيال مشروع الدولة المدنية واغتيال الثورة الليبية التي شكلت واحدة من أهم ثورات الربيع العربي.