14 سبتمبر 2025

تسجيل

الإخوان المسلمون وتحديات المرحلة

20 سبتمبر 2014

تثار ضجة حول خروج بعض قيادات الإخوان من قطر، والحالة هذه تأخذ أكثر من حجمها الطبيعي في التغطية الإخبارية والبرامج الحوارية والكتابات الصحفية، وربما ذلك رغبة في الضغط على قطر لمزيد من الإجراءات بحق هؤلاء أو إيهام الإخوان المسلمين أن العالم لفظهم جميعا، لا يهمنا هنا توضيح الموقف القطري ما إذا كان بصدد الطلب من جميع الإخوان المسلمين مغادرة الدوحة أم لا، فالدور القطري في مساندة الإخوان قديم على الثورات العربية، وأراه ينطلق من رؤية تتمثل في جعل الدوحة ملاذا آمنا للنخب السياسية والثقافية المهددة في العالم العربي، والأمر لم يقتصر على الإخوان وإنما طال أحزابا يسارية وقومية وليبرالية. وبما إن العالم اليوم يسعى حثيثا لبناء تحالف دولي لمواجهة الإرهاب، ولا تخفي بعض الدول العربية رغبتها الملحة في إدراج الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية التي يحاربها التحالف الدولي، فإن على الإخوان المسلمين إذا كانوا فعلاً يريدون تحييد أنفسهم عن هذا الاستهداف، أن يملكوا رؤية متكاملة حول مواجهة التحديات المستجدة وأن يحدوا من الخسائر التي لحقت بهم في مصر وأن يخرجوا تماما من سياسة ردّ الفعل التي ينتهجونها منذ وصولهم إلى السلطة وحتى اليوم. والمراجعات الملحة على الجماعة لا تقتصر، في ظني، على الجانب السياسي وإنما لا بد أن تطال الجانب الفكري معا، فإخوان مصر مصابون بالتكلس السياسي والتشدد التنظيمي وأظن أن هاجسهم اليوم هو كيفية المحافظة على الجسم التنظيمي للجماعة باعتباره الهوية الجامعة لأعضائها أمام حملة السلطة وهي تريد أن توظف خبرتها مع الرئيس عبد الناصر في حماية وجودها وكيانها التنظيمي، كما أنها تعيش اختلافا في وجهات النظر بين جيلي الشباب والشيوخ لجهة المصالحة مع النظام الحالي أو الاستمرار في المواجهة مهما كلف الأمر، ولعل التصعيد الأخير لعدد من الشباب إلى مجلس شورى الجماعة محاولة منها لحماية البناء التنظيمي والحيلولة دون حدوث انشقاقات في صفوف الجماعة. وهذه الإجراءات هي مسكنات وليست علاجا كاملا، وعلى الجماعة أن تعترف أنها هزمت أمام النظام الحالي في مصر مهما كان تقييمنا لهذا النظام وكيفية وصوله إلى السلطة، لأن الاعتراف بالهزيمة ابتداء يساعد الجماعة على سرعة الخروج من محنتها الحالية، لأنها تمر بأصعب مرحلة تاريخية، لما كانت الجماعة في صراع مع الرئيس عبد الناصر كانت دول الخليج تحتضنها وكان الخليج أرضا خصبة وموردا ماليا مغريا لها، اليوم مصر ودول الخليج تتحالف ضد الإخوان وتريد استئصالها تماما، كما أن تركيا الحالية وبعض الدول العربية البعيدة لا يمكن أن تلعب دور السعودية التاريخي في حماية الإخوان.كما على النظم العربية ألا تغترّ بفائض القوة في قمع الإخوان وأن يذهب بها الغرور أن القضاء على إخوان مصر يعني القضاء على الإسلام السياسي في عموم المنطقة، كما تحاول الدوائر الرسمية في عدد من الدول العربية ترويجه، ولذلك لأسباب منها أن التجارب الإسلامية في البلدان الأخرى تجاوزت التجربة المصرية وهي أكثر منها ثراء وبرجماتية وقدرة على المناورة ومواجهة التحديات. إذا كانت التجربة المصرية هي الأولى وهي الملهمة للتجارب الإسلامية الأخرى في المنطقة إلا أنها لم تبق نقطة الارتكاز بين هذه الجماعات،، التجربة التونسية رائدة إذا ما قورنت بتجربة مصر وقد كان أداء حركة النهضة في تونس بعد الثورة أعمق وأنضج سياسيا من تجربة إخوان مصر، كما أن التجربة السودانية قبل الخلاف بين الحركة الإسلامية والدكتور حسن الترابي تجربة فريدة وثرية وقد تجاوزت تجربة إخوان مصر بمراحل، ثم إن سقوط الإخوان أقنع شريحة الشباب أن داعش والنصرة هما البديل المناسب وقد استغلت التيارات الإسلامية التي تجمعها خصومة أيديولوجية مع الإخوان الظروف التي تمر بها الجماعة للتهجم على كل التيارات الإسلامية التي تؤمن بالديمقراطية والعمل السياسي القائم على التدرج والتعايش مع القوى السياسية الأخرى، مفضلة ثورة البندقية، وليبيا تجربة ومثال صارخ على هذا الأمر، فالإسلاميون هناك بعد تجربة مصر ازدادوا قناعة بأن التسلح والمواجهة العسكرية هما الضامن الوحيد لبقائهم.