12 سبتمبر 2025

تسجيل

ارتفع فوقع

20 سبتمبر 2011

وهكذا الأيام تدور عليه بعدما كان يُرحب به أجمل ترحيب، ويُستقبل أحسن استقبال، ويأتيه الزوار من كل مكان، إذا جاء من إجازته أو من مهمة رسمية أو غير ذلك، ويهنأ بقدوم الأعياد، وتسهل له الإجراءات، ويزوره في مجلسه الزوار، وينتظره من يريد مقابلته في مكتب السكرتير، وإذا صافحك صافحك بأطراف أصابعه دون أدنى اعتبار للآخرين، والظهور الإعلامي المتواصل والحصول على الدروع والجوائز، والتكريم، وحضور المؤتمرات، واستغلال النفوذ من خلال هذا المنصب، ويظن هذا المسؤول بمنصبه وبمركزه أنه تشريف ما بعده تشريف، وإضاءة ما بعدها إضاءة، ووجاهة ما بعدها وجاهة، وانه ما فوقه أحد كما يقولون، ويغفل أن هذا التشريف ينقص ويتلاشى يوماً بعد يوم. وبعد سنوات طالت المدة أم قصرت في مركزه ومنصبه المرموق إذا هو يرحل عن هذا المنصب باختياره أو بغير اختياره، وتذهب عنه كل هذه الرسميات والتقديرات والامتيازات. إن التشريف والمعيار الحقيقي للمنصب هو ما يقدمه من خدمات وإنجازات للمؤسسة التي هو فيها، وللناس من قضاء حوائجهم وأمورهم، وتذليل العقبات والصعوبات التي يواجهها الموظفون والعمل والمتعاملون مع هذه المؤسسة، يا ليتنا ندرك ونعي هذه الحقيقة، حقيقة هذا التشريف بالمنصب وما يقتضيه من عمل دؤوب جاد وفاعل ومتميز لخدمة البلد وأهله حفظهم الله. وبما أن المنصب مهم يتوقف عليه تقدم أو تأخر المؤسسة ابتداءً، إذ كلما عملت قيادة المؤسسة واجباتها وأدوارها ومسؤولياتها على أكمل وجه وابتعدت عن مصالحها الشخصية والنفعية، حققت رسالتها وأهدافها المنشودة، وكانت في الطريق والمسار الصحيح. والحمد لله بلادنا تزخر بالمخلصين وبالنماذج المشرفة الأمينة، الذين إذا تسلموا المناصب وفي أي موقع يجعلون همهم الأول والأخير خدمة بلدهم ومجتمعهم والمؤسسة التي يقودونها ويعملون بها، وأي منصب هم فيه، وتقديم أفضل ما عندهم من مبادرات وإبداع وتطوير وتحسين خدمات المراجعين دون أن يغلقوا أبوابهم، فهؤلاء استشعروا عظم المسؤولية وعظم المنصب والعمل الذي هم فيه، وعرفوا أن المنصب هو تكليف ومهمة على عاتقهم وإتقان، لا تشريف وإضاءة وتلميع ومكتب ما بعده مكتب وكرسي يسر الناظرين. ولذا يجدر بكل صاحب منصب أن يسعى جاهداً الى أن يترك أثرا طيباً قبل رحيله من المنصب، أو أنه يصيبه ما أصاب غيره في أنه ارتفع فوقع. "ومضة" وكن رجلاً إن أتوا بعده يقولون مر وهذا الأثر إن المناصب لا تدوم لواحد إن كنت في شك فأين الأول فأزرع من الفعل الجميل صنائعاً فإذا عـزلت فإنها لا تعزل