19 سبتمبر 2025

تسجيل

ما ضَيّعَنا إلاّ هذا!

20 أغسطس 2022

نعم.. ما ضيّع أوقاتنا وطاعاتنا ومباهجنا وأفراحنا، وأتى علينا بما لا نحب إلاّ هذا!، فلماذا نحن هكذا - من غير تعميم - ولكن واقعنا يحكي هذا؟، ما قال وما حذر منه صلى الله عليه وسلم إلاّ لعلمه عظم وخطورة هذا اللسان على الإنسان، "امسك عليك لسانك"، "أتدرون من المفلس"؟، ألا من عاقلٍ راشد واعٍ يفقه ويُدرك حقيقة معنى "أتدرون من المفلس"؟. إنه الإفلاس الحقيقي. أيها الكرام.. إيذاء اللسان أشد وأعتى من جراحات السنان، فالأول يقتلك مرات ومرات، وتبقى جراحاته دامية تنزف في القلب وتأتي على المشاعر طوال السنين، أما الثاني فيقضي عليك مرة واحدة وينتهي الأمر، وقد جاء في جامع العلوم والحكم قول الإمام الفضيل بن عياض رحمه الله (ما حج ولا رباط ولا جهاد أشد من حبس اللسان، ولو أصبحت يُهمك لسانك، أصبحت في هم شديد). إنها لمأساة أن يبذل الإنسان ويسعى ويتعب في الطاعات والقربات وجميل الأعمال، ثم يأتي عليها ليهدمها هو بنفسه رجلا كان أو امرأة، ويُرحّل حسناته إلى غيره، "قال رجل: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ". وفي المقابل "قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا وَإِنَّهَا تتَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ". هذا هو اللسان يخفض ويرفع صاحبه. فكم من لسان أطاح بإنسان، وكم من لسان تجرأ على دين الله تعالى وثوابت الأمة! وكم من لسان نخر وهدم في جسد هذه الأمة!، وكم من لسان جال وصال في أعراض الناس من سبٍ وشتم وغيبة ونميمة، وكم من لسان متتبع لعورات الناس!. وكم من لسان وظّف في القيل والقال والوشاية! وكم من لسان قطّع أرحاما وشتتا أسر وضيّع أبناء!. وكم من لسان افترى على الله عز وجل كذباً وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم - ويزعم أنه مثقف ومفكر ومنظّر-! وكم من لسان شهد شهادة زور وبهتان!، وكم من لسان نهش من لحم أخيه المسلم،. وكم من لسان تاجر وبائع ومسوّقٍ لبضاعة فإذا هي بضاعة مزجاة - أي رديئة-!. وكم من لسان مقاول بناء يعطيك من طرف لسانه حلاوة ويزين لك أنه كذا وكذا، ولكن في الواقع يروغ كما يروغ الثعلب، وكم من لسان فاسدٍ أفسد مجتمعا. وكم من لسان أفشى سراً وأذاع إشاعة، اِحــفَـظ لِسـانَـكَ أَيُّهـا الإِنـسـانُ لا يَـــلدَغَـــنَّكَ إِنَّه ثُــعــبــان. فلنصنع من ألسنتنا الخير والإرشاد والنصح والمباهج والأفراح، ولنجعلها تفوح بجميل القول، والبناء في العلاقات، والإصلاح، ومن روائع النصائح النبوية الهادية الهادفة في حركة حياتنا وفي مساحاتها قوله صلى الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيراً أو ليصمت"، وقوله "لا تبسط يدك إلاّ إلى خير، ولا تقل بلسانك إلاّ معروفاً". "ومضة" قال رجل لسلمان الفارسي رضي الله عنه (أوصني، قال: لا تتكلم! قال: ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يتكلم. قال: فإن تكلمت فتكلم بحق أو اسكت). فدروس اللسان لا تنتهي.