14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حتى نعرف ماذا يريد الذين قسموا العراق أو يسعون في تقسيمه بدأب لابد أن نحددهم ثم نتعرف على الدوافع التي حركتهم لإنجاز هذا الهدف الإستراتيجي عبر مراحل عدة وما هي الأدوات المستخدمة لتنفيذ هذا التقسيم . القرائن والأدلة تتوجه بالاتهام إلى قوتين أو دولتين ووكلائهما في العراق والمنطقة وهما إيران والولايات المتحدة الأمريكية فالعراق ظل عبر آلاف السنين متعايشا بكل مكوناته لا ينحو إلى التفتيت مستعصيا على التمزيق فأجزاؤه يكمل بعضها بعضا وأهله على اختلاف مذاهبهم وأعراقهم ظل حب العراق جامعا لهم منذ آلاف السنين. الولايات المتحدة الأمريكية اعترفت على لسان رئيسها بأنها غزت العراق وسلمته إلى إيران كي تفعل به الأفاعيل وأنها كرست فيه الطائفية وأن الحكمة قد جانبتها وأنها وإيران كانا سببا في تدشين تنظيم الدولة الإسلامية ليكون فزاعة المنطقة وأداة التقسيم . لجنة التحقيق البرلمانية العراقية ألقت بالمسؤولية على نوري المالكي الذي كان رئيسا للوزراء وقائدا عاما للجيش والرجل الأول في البلاد، وزعيم الحزب الحاكم واتهمته بالتقصير والإهمال في الدفاع عن الموصل وأحالته وثلاثين آخرين إلى القضاء لفرارهم وتركهم الجنود في ساحات المعارك دون توجيه . نوري المالكي الذي يفترض أنه قد عزل من منصبه وجرد من الحصانه موجود في طهران لحضور مؤتمر فقهي وللقاء المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامئني ومنها أكد أنه لا قيمة لتقرير لجنة التحقيق زاعما أن الخلافات السياسية سيطرت على اللجنة وأخرجتها عن موضوعيتها وأن الأمر كله دبر في أنقرة ثم في أربيل . تبعية وعمالة نوري المالكي لإيران باتت لا تحتاج إلى دليل فقد كان لها فضل تعيينه وتثبيته في حكم العراق لثماني سنوات مما يؤكد تواطؤه معها في تسليم الموصل لداعش إذ فرت 5 فرق مجهزة بأحدث الأسلحة بعد فرار قادتها الكبار تاركة وراءها 200 دبابة وعدد لا يحصى من أسلحة النخبة و مدافع ودبابات ومدرعات ومنصات قتالية بل حتى طائرات وصواريخ وبنوك بها أموال طائلة ومنشآت حيوية ومطار ومبنى محافظة نينوى وشعب أعزل بدون حماية فكيف تمكن مئات من هذا التنظيم من إلحاق الهزيمة بثلاثين ألف مقاتل !؟ كانت إيران والولايات المتحدة كلتاهما تراقبان الوضع عن كثب وغضتا الطرف ولم تقدما أية مساعدة للحكومة العراقية واستخدمت داعش من الدولتين كسبب للتدخل في الشأن العراقي على نحو يكرس الطائفية والفساد وإضعاف العراق وتحويله إلى دولة فاشلة. ومما يدل على تواطؤ إيران اتهام القائد السابق للقوات البرية العراقية علي غيدان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بأنه هو من أصدر الأمر بالانسحاب من مدينة الموصل قبل عام ونيف في حين قال أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية إن انسحاب القوات الحكومية من مدينة الرمادي غربي بغداد مؤخرا تم وفق أوامر لا يعرف رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي مصدرها. وهو ما يدل على أن لإيران مجاميع تعمل تحت إمرتها متجاوزة القيادة الرسمية. أما الولايات المتحدة التي تربطها مع العراق الاتفاقية الإستراتيجية العراقية الأمريكية لعام 2011 فقد امتنعت عن تقديم يد العون للحكومة العراقية في الموصل وبعدها في محافظة صلاح الدين بينما قدمته فيما بعد عندما استهدف تنظيم الدولة الأكراد في الشمال. هيلاري كلينتون اعترفت في كتابها hard choices بأن الولايات المتحدة هي من أنشأ داعش بهدف التحكم في المنطقة وفي الطاقة والمنافذ البحرية وفي حديث سابق لها اعترفت كذلك أن الولايات المتحدة تقف وراء تنظيم القاعدة وتعتبره ضروريا لكي تنفذ الولايات المتحدة سياساتها في الإقليم قالت هيلاري "أعتقد أن الولايات المتحدة التي تمتلك أكبر جهاز استخباراتي في العالم السي آي أيه تدرك هذا المعطى وليست بغافلة عنه. لكن يبدو أن القاعدة تبرر سلوكيات أمريكا باسم مكافحة الإرهاب فواشنطن احتلت العراق بذريعة القضاء على القاعدة التي يدعمها نظام صدام حسين. إذن واشنطن تحتاج إلى بقاء القاعدة لكي تحافظ على سوسيولوجيا الخوف التي تحرك بها العالم. "ومثلما أبقت الولايات المتحدة القاعدة للحفاظ على سوسيولوجيا الخوف في الشرق الأوسط والعالم أوجدت داعش لنفس السبب لتستخدمها كغول تخوف به الدول وليتسنى لها تقسيم العراق وفرض هذا التقسيم كأمر واقع لا مفر منه وهذا الكلام فضلا عن وروده في كثير من التقارير الغربية إلا أن كبار الساسة الأمريكان كانوا يلوكونه بألسنتهم منذ زمن بعيد ومن هؤلاء جوزيف بايدن الذي قدم اقتراحا بتقسيم العراق للكونجرس في 2006 كما أن الكونجرس صوت لصالح تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات في 29/7/2007 كشرط لإنسحاب القوات الأمريكية من العراق وقد كان دستور بريمر وحلفائه من العراقيين، قد أقرّ الفيديرالية التي تشمل الدويلات الثلاث على أسسٍ طائفية: شيعية في الجنوب، سنية في الوسط، كردية في الشمال، وفي اجتماع ضم الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني مع برايمر نوه الطالباني لبرايمر بأهمية كركوك للأكراد وبأنها قدس الأكراد فرد عليه بريمر قائلا " يكفينا قـُدْس واحدة " وتوالت تصريحات المسؤولين الأمريكيون من جو بايدن إلى آشتون وصولا إلى رئيس الأركان الأمريكي راي أوديرنو الذي اعتبر تقسيم العراق حلا وحيدا ممكنا ومتاحا كما تضمنت أعمال مجلسي الكونجرس والنواب نقاشات في نفس الموضوع . الأمريكان شأنهم شأن الإيرانيين والأحزاب العراقية المتصارعة التي استبدلت رابطة المذهب برابطة الوطن ومنذ عهد بريمر وبعده أوجدوا البيئة الحاضنة للتقسيم وخلقوا واقعا قد يدفع الناس الذين ضاق بهم الحال وألم بهم الخوف إلى القبول بالتقسيم فآلة القتل والإرهاب المنبثقة عن هذا الواقع المعقد لا تتوقف عن سفك الدماء وإزهاق الأرواح البريئة وبث الأحقاد والضغائن بين مكونات الشعب العراقي ولكن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة هو: لماذا يريدون تقسيم العراق !؟ الأطماع الفارسية في العراق كانت ولا تزال واقعا ففي عهد الخلافة العباسية احتل البويهيون العراق مرتين ودخل الصفويون بغداد عام 1508 ونكلوا بأهلها ولم ينقذ العراق إلا السلطان سليم الأول الذي أوقع هزيمة نكراء بالشاه إسماعيل الصفوي في موقعة جالديران 1514 ودخل عاصمته تبريز ولم تعترف حكومة الشاه في القرن الماضي باستقلال العراق إلا بعد 8 سنوات وساندت حركة البرزاني الكردية بل وشاركت قوات الشاه معها في قتال العراقيين فقضى عشرات الآلاف من العراقيين واضطر العراق إلى القبول بإعادة ترسيم حدوده مع إيران وتوقيع اتفاقية الجزائر 1975 وفي عهد الخميني واصلت إيران دعم التمرد الكردي مما دفع العراق إلى إلغاء اتفاقية الجزائر والدخول في حرب طويلة مع إيران وثمة من الإيرانيين من يعتبر جنوب العراق جزءا لا يتجزأ من إيران وتؤكد تصريحات المسؤولين الإيرانيين على أطماعهم في العراق والخليج وهم يصرون على تسمية الخليج بالخليج الفارسي ويرفضون أي تفاوض بصدد الجزر العربية المحتلة بل ويعتبر البرلمان الإيراني البحرين جزءا لا يتجزأ من إيران ويتداول الشباب في إيران اليوم أغنية مطرب الراب بهزاد بكس التي تدعو إلى قتل العرب وهو مالم توقفه وزارة الإرشاد الإيرانية . وكما أورد الدكتور محمد صالح المسفر (جريدة الشرق 11/8) فقد أفتى آية الله عبدالله جوادي آملي، بإعلان الجهاد الأكبر ضد السعودية. ودعا خطيب جمعة طهران آية الله محمد علي موحدي كرماني، في خطبته الرسمية، إلى تحرير مكة والمدينة من الحكم السعودي " واعتبرت إيران الحوثيين أبناء ثورتها وهكذا فإن إطماع إيران في العراق والمنطقة في الماضي كما في الحاضر واضحة للعيان مما يؤكد مشاركتها في تفتيت العراق وإنهاكه من خلال حزب الدعوة الإسلامية وزعيمه الدموي السلطوي الذي نهب العراق وأذل أهلها في انتقام غير مسبوق من حاكم مسئول ضد شعبه لا يبزه في ذلك إلا السفاح بشار الأسد. أما الولايات المتحدة فإن تقسيمها للعراق يرجع إلى كون العراق حجر الزاوية في أمن المشرق العربي وأن تحطيمه يؤمن وجود اسرائيل ومصالح الولايات المتحدة لذلك كان الغزو الأمريكي للعراق ليس بحثا عن أسلحة دمار شامل ولا مقاومة لإرهاب مزعوم وإنما جاء تدميرا لكل شيء فيه فالعراق القوي الذي يتواجد تحت ترابه أكبر احتياطي نفطي في العالم 400 مليار برميل يشكل خطرا حقيقيا على إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة كما ترجع فكرة التقسيم إلى إيمان المحافظين الجدد بالمسيحية الصهيونية ولذلك فقد تبنوا وثيقة اللوبي اليهودي بخصوص تقسيم العالم العربي وفي طليعته العراق وتطالب هذه الوثيقة التي طرحت في نشرة كيفونيم في شباط من عام 1982 التي تصدر في القدس المحتلة عن المنظمة اليهودية العالمية تحت عنوان خطط إسرائيل الإستراتيجية بتفتيت كل الدول المجاورة لإسرائيل من النيل إلى الفرات وتقول بشأن العراق "العراق ذلك البلد الغني بموارده النفطية، والذي تتنازعهُ صراعات داخلية، فهو على خط المواجهة مع إسرائيل ويعد تفكيكه أمراً مهماً بالنسبة الى إسرائيل " ويعتقد المحافظون الجدد أن تمكين إسرائيل شرط للمجيء الثاني للمسيح ليقيم مملكتة لألف سنة تقوم بعدها القيامة. إذن هم يتنازعون أمرهم بينهم و يريدون تقسيم العراق لتحقيق مآربهم وأهدافهم فماذا نحن فاعلون في مواجهة ذلك !؟