11 نوفمبر 2025
تسجيلفي التبسم أجر وفي الكلمة الطيبة صدقة، والكلمة الطيبة بخور الباطن، ولتكن خلوقاً تنل ذكراً جميلاً، ولنعود أنفسنا أن تكون أيامنا كلها احترام وإحسان، هذا هو جمال الأعمال، والبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها، وحياتنا لوحة فنية، إذا اكتملت اللوحة، تم عرضها، فلنبدع فيها ما دامت الفرشاة بأيدينا، ويُحكى أن أحد الملوك أعلن في الدولة بأن من يقول كلمة طيبة فله جائزة 400 دينار، وفي يومٍ كان الملك يسير بحاشيته في المدينة، فرأى فلاحاً عجوزاً في التسعينات من عمره وهو يغرس شجرة زيتون فقال له الملك: لماذا تغرس شجرة الزيتون وهي تحتاج إلى سنواتٍ لتثمر وأنت عجوز في التسعين من عمرك، وقد دنا أجلك؟ فقال الفلاح العجوز: السابقون زرعوا ونحن حصدنا ونحن نزرع لكي يحصد اللاحقون، فقال الملك: أحسنت فهذه كلمة طيبة وأمر بأن يعطوه 400 دينار، فأخذها الفلاح العجوز وابتسم. فقال الملك: لماذا ابتسمت؟ فقال الفلاح: شجرة الزيتون تثمر بعد سنوات وشجرتي أثمرت الآن، فقال الملك: أحسنت أعطوه 400 دينار أخرى، فأخذها الفلاح وابتسم. فقال الملك: لماذا ابتسمت؟ فقال الفلاح: شجرة الزيتون تثمر مرة في السنة وشجرتي أثمرت مرتين. فقال الملك: أحسنت أعطوه 400 دينار أخرى ثم تحرك الملك بسرعة من عند الفلاح فقال له رئيس الجند: لماذا تحركت بسرعة؟ فقال الملك: إذا جلستُ إلى الصباح فإن خزائن الأموال ستنتهي وكلمات الفلاح العجوز لا تنتهي، وفي ذات السياق قال أحد الأصدقاء لصاحبه: ما سر هدوء قلبك؟ فقال: منذ أن عرفت الله ما أتاني خير إلا توضأتُ وصليتُ شكراً، وما أصابني ضرٌ إلا توضأتُ وطلبتُ صبراً، وما احرني أمرٌ، إلا وتوضأتُ واستخرتُ خيراً، وهكذا تنقلب حياتي بين شكر وصبر ودعاء، فلتكن مؤدباً في حزنك، حامداً في دمعتك، أنيقاً في ألمك، فالحزن كما الفرح، هدية من رب العباد، سيمكث قليلاً ويعود إلى ربه حاملاً معه تفاصيل صبرك.أيضاً في زيارة الأصدقاء ومساعدتهم تحضرني مقولة لقمان الحكيم لأبنه حين قال: ليكن أول شيء تكسبه بعد الإيمان بالله أخاً صادقاً مثله كمثل شجرة إن جلست في ظلها أظلتك، وإن أخذت منها أطعمتك، وإن لم تنفعك لم تضرك، وحين مرض الإمام أحمد رحمه الله ولزم الفراش زاره صديقه الإمام الشافعي رحمه الله، فلما رأى عليه علامات المرض الشديد أصابه الحزن، فمرض لمرضه، فلما علم الإمام أحمد بذلك، تماسك نفسه وذهب لرؤية الشافعي في بيته، فلما رآه الشافعي قال:مرض الحبيب فزرته *** فمرضت من أسفي عليهشفي الحبيب فزارني *** فشفيتُ من نظري إليههكذا الصحبة والرفقة الصالحة التي يأتي من ورائها الخير.وقال الحسن البصري: إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا، لأن أهلنا يذكرونا بالدنيا، وإخواننا يذكروننا بالآخرة ومن صفاتهم الإيثار، وفي قول الفاروق عمر رضي الله عنه: ما أعطى العبد بعد الإسلام من نعمة خيراً من أخ صالح، فإذا وجد أحدكم وداً من أخيه فليتمسك به.أخيراً يا رب أينما كان الهدى فاجعله طريقنا، وأينما كان الرضا فاجعله رفيقنا، وأينما كانت السعادة فاجعلها في قلوبنا، واجعل لنا المحبة في نفوسنا والابتسامة في وجوهنا، فكلما أحسنت نيتك، أحسن الله حالك، وكلما تمنيت الخير لغيرك، أتاك الخير من حيث لا تحتسب.