12 سبتمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد العالمي .. بين التفاؤل والمخاوف

20 أغسطس 2014

دخل المستثمرون عام 2014 ولديهم تفاؤل بانتعاش الاقتصاد العالمي وزيادة قوته خلال هذا العام إلى 71% مقارنة مع نسبة 67% التي تحققت في العام الماضي ، وجاءت هذه التقديرات بعد توقعات بتحسن أرباح الشركات العالمية، وقد بلغ الاعتقاد بحدوث انتعاش اقتصادي أوروبي بمستويات مبالغ بها بعض الشيء، مما جعل الأسواق عُرضَةً لمخاطرمتعددة نتج عنها سعي الجميع لحصد الأرباح السريعة ، خاصة مع زيادة تفاؤل المستثمرين في منطقة اليورو بتحسن أداء اقتصاد المنطقة، وانعكاس ذلك على الاقتصاد العالمي ؛ الأمر الذي أعطاهم الأمل والاعتقاد بأن الاقتصاد الأوروبي سوف يزداد قوة في عام 2014، بارتفاع عن 74% مع استبعاد حدوث انكماش اقتصادي ، ولا سيما مع نجاح الاقتصاد البريطاني فعلا في تخطي اقتصاديات الدول المتقدمة في المنطقة على غير المتوقع ، بعد أن رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في بريطانيا ، الذي من المنتظر أن ينمو بنسبة 3.2% هذا العام، أكثر من أي دولة عضو في دول مجموعة السبع، وأكثر من نقطة مئوية من كندا التي تليها في الترتيب وبذلك سيصبح أقوى مؤشر على الانتعاش الاقتصادي منذ الأزمة الاقتصادية، مما أدى إلى أن صندوق النقد الدولي قد وصف في توقعاتها هذا الارتفاع بنسبة 0.4 % بالمفاجأة، والتي اعتبرها البريطانيون بالإنجاز الكبير، لأنهم يسيرون بسرعة نحو الانتعاش بعد أن بلغ الاقتصاد معدلات تفوق أعلى المعدلات قبل الأزمة، وكذلك عودة النمو في البرتغال بنسبة 0.6 % بعد اضطرابه في بداية العام، وارتفاع النمو في هولندا بنسبة 0.5 % بعد تراجعه بنسبته 0.4 %، و لكن تأتي المخاوف من تعثر الاقتصادات الكبرى مثل فرنسا وألمانيا التي أثرت على حركة النمو في منطقة اليورو ، بعد عام على الخروج من مرحلة الركود الاقتصادي، حيث تشهد منطقة اليورو توقفا للنمو، مع تعطل المحرك الفرنسي الألماني وهي مؤشر خطر نحو الانكماش، وبما يفسر وجود المخاوف من الصعوبات الجدية التي يواجهها النمو، بعد التقدم الخجول بنسبة 0.2 % في مطلع العام الحالي، لإجمالي الناتج المحلي لمنطقة اليورو ، بسبب ضعف الاستثمارات والصادرات ،الذي أدى إلى توقف النمو في الربع الثالث، الأمر الذي يشير إلى التشاؤم من عودة منطقة اليورو إلى حالة من الركود التي تبرز على الأخص في إطار الأزمة الأوكرانية -الروسية وتبعاتها على أوروبا التي قد تضر بآفاق النمو حتى الربع الأخير من هذا العام ، خاصة مع ما نشهده من التوتر الجيوسياسي في معظم مناطق العالم الذي يشيع إحساسا بعدم الثقة في المستقبل ، ولا سيما أن المحرك التقليدي لمنطقة اليورو- المانيا وفرنسا- شهد تقلصا في نشاطه بنسبة 0.2 % بعد ارتفاع 0.8 % في الربع الأول، وإن كان المتوقع أن يكون هذا التراجع مؤقتا، إلا أن الصورة تبدو قاتمة خاصة مع عودة الاقتصاد الإيطالي إلى الركود، ويبقى بصيص الأمل الوحيد للحد من جمود الانتعاش الاقتصادي في منطقة اليورو وسط توقف النمو، هو مواصلة الإصلاحات ، ويبقى الأمل أن تستجيب المفوضية الأوروبية لمطالب فرنسا وإيطاليا لتخفيف التشديد الأوروبي على الميزانيات بتحرك أكثر نشاطا من البنك المركزي الأوروبي لتحفيز النمو ومكافحة خطر العودة إلى الإنكماش الذي يهدد بمزيد من إبطاء دوران عجلة الاقتصاد، إلا أن هناك عدة عوامل مساعدة من بينها انخفاض أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية ووفرة السيولة وتسارع وتيرة النمو الاقتصادي يمكن أن تسهم في دعم تعافي الاقتصاد العالمي من الأزمة المالية ، إلى جانب الثقة بتحسن آفاق أكبر اقتصاد في العالم بعد أن أنهى مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) في برنامج التحفيز النقدي إلا أن مساعي البنك المركزي الأمريكي للعودة لمجموعة السياسات التي كانت قائمة قبل الأزمة ما زالت تمثل قفزة إلى المجهول، بما قد يهدد مساعي إنعاش الاقتصاد العالمي وهي معضلة من المعضلات التي تواجه المسؤولين في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، ومما يزيد المخوف أن تشمل المخاطر نموا أبطأ من المتوقع في الولايات المتحدة ونموا ضعيفا في منطقة اليورو وغياب الإصلاحات الهيكلية في اليابان والقروض المتعثرة في الصين ، والفشل في عودة أسواق النقد لحالتها الطبيعية الذي قد يفجر فقاعة ائتمانية جديدة.