18 سبتمبر 2025

تسجيل

الثورة الرقمية الجامحة !

20 يوليو 2023

اليوم وفي ظل تدفق المعلومات والبيانات الهائل في الفضاء الرقمي وهيمنة العالم الافتراضي على تفاصيل حياتنا، ظهرت العديد من التحديات الجديدة المرتبطة بسيطرة هذا العالم على حياة الإنسان في ظل اكتسابه قوة عالمية من خلال قدرة الثورة المعلوماتية والاتصالية الطاغية على جذب كافة شرائح المجتمعات وتقديمها لبدائل تواصلية مجانية وفعّالة. إن نظرة متفحصة اليوم الى التأثير المتعاظم لهذا العالم على حياة وواقع البشر يؤشر بوضوح الى عمق السيطرة المتحققة لهذه الأجهزة الذكية وما تحمله من تطبيقات مبهرة ومتنوعة، على حياة الانسان بشكل يوم، لننظر إلى هذا العالم بلغة الأرقام، نجد أكثر من 4.9 مليار مستخدم فعّال للشبكة العنكبوتية وحوالي 4.3 مليار يدخلون إلى 198 مليون موقع فعّال للإنترنت عن طريق هواتفهم الذكية، وما يزيد على 7 ملايين مقال يتم نشره يوميا وأكثر من 500 ساعة من الفيديوهات يجري تحميلها على اليوتيوب كل دقيقة حتى بات المستخدم يقضي ما يزيد على ست ساعات يوميا على الإنترنت. لقد أحدث هذا العالم ثورة جديدة ستغير شكل الحياة البشرية تقودها التقنيات فائقة التقدم، فهي ثورة رقمية شاملة على مختلف المستويات، الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وذلك لأن التطبيقات الذكية تتعدد وتتزايد بصورة يصعب حصرها، ثورة هائلة في كل مفصل من مفاصل حياتنا المهنية والعملية والعلمية والصحية والترفيهية والخدمية وها نحن نشعر بتأثيراتها في ثقافتنا وسلوكنا ونمط غذائنا وعلاقاتنا وخصوصيتنا التي باتت مكشوفة لا بل مسلوبة، حيث يستطيع أحدنا وهو في مكتبه أو غرفة نومه أو سيارته من إنهاء معاملاته مكان عمله أو في البنك والمؤسسة والسوق، وأن يضارب في الأسهم والسندات وشراء ما يلزمه والتواصل مع أي شخص في هذاالعالم بكبسة زر. إنّ الثورة الرقمية الجامحة التي نعيشها اليوم هي أحد إرهاصات الثورة الصناعية الرابعة، بما تحمله إلينا من تغيرات معرفية وتكنولوجية مذهلة تقوم على الذكاء الاصطناعي بمختلف تطبيقاته وأطيافه في كل جوانب الحياة الإنسانية، حتى أن التحولات الرئيسية التي ستحدث في «مُجتمع ما بعد المعلومات» ستؤدي بصورة كبيرة على إعادة صياغة كثير من المفاهيم القائمة على أساس «التخمة» المعلوماتية والاتصالاتية الضخمة وإنترنت الأشياء والقدرة الهائلة على معالجة البيانات وربط العالم بعضه ببعض، بما يدلل على أن البشرية في مرحلة انتقالية، وأن القادم سيكون أكثر غرابة وربما جنونا، في ظل تقلص مساحة الحضور الإنساني في كثير من القطاعات لمصلحة الحضور الآلي الذي يعكسه التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، هذا دون أن ننسى «الهيومان بوت» وهو اتجاه لبداية زرع الشرائح الإلكترونية في الدماغ البشري. بينما يبقى السؤال معلقا: هل نحن فعلا بحاجة إلى كل هذا التطور أم ما ينقصنا هو ثورة في الأخلاق لمجابهة الأنانية والجشع والطمع والظلم وحب التسلط، ثورة تساعدنا على ردم الهوة في القيم بين الأجيال التي يخوضها الأبناء والأحفاد في السنين القادمة؟