15 سبتمبر 2025
تسجيلبالأمس تحدثنا عن نوع من المعارضة كان جاهلا بالإسلام، وأخذ عداءه بمجرد السماع فقط، وهذا النوع تعامل معه الرسول – صلى الله عليه وسلم- بأن عرفه جهله وناقشه وعامله بالحسنى فانقلبت عداوته إلى محبة، وكفره إلى إيمان، واليوم نوع آخر من المعارضة لا يصلح معهم إلا الشدة والتعريف بهم، فالمنافقون معارضة مخفية ترجف في المدينة، قال عنهم الله تعالى في سورة التوبة التي سماها بالفاضحة: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم). ومن ثم قبل أن يموت النبي استودع أسماء هذه القلة المندسة في المجتمع لسيدنا حذيفة – رضي الله عنه- ولم يعلم بهم المجتمع حفاظا على الأمن العام للمجتمع، حتى إذا حركت هذه القلة فتنة في المجتمع استطاع ولي الأمر أن يتخذ من الوسائل ما يناسب لوأد الفتن وحماية المجتمع. ولم يكن أحد يبحث عن أسماء هؤلاء من المجتمع، بل كان الكل مشغول بنفسه هل هو من المنافقين الذين يعارضون الإسلام ويبطنون الكفر ويظهرون الإيمان، وهذا ما كان سيدنا عمر رضي الله عنه يفعله، حيث استحلف حذيفة هل عدني رسول الله منهم، وفي سير أعلام النبلاء "كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أسر إلى حذيفة أسماء المنافقين، وضبط عنه الفتن الكائنة في الأمة. وقد ناشده عمر: أأنا من المنافقين؟ فقال: لا، ولا أزكي أحدا بعدك"2/364. وفي تفسير القرطبي: قال ابن عباس: أنزل الله أسماء المنافقين وكانوا سبعين رجلا، ثم نسخ تلك الأسماء من القرآن رأفة منه ورحمة، لأن أولادهم كانوا مسلمين والناس يعير بعضهم بعضا. فعلى هذا قد أنجز الله وعده بإظهاره ذلك إذ قال: "إن الله مخرج ما تحذرون". لكن هناك من عارضوه بصورة علنية بعد أن تعاهدوا معه في وطن واحد، وخانوا الله ورسوله وتحالفوا لإسقاط الرسول والدولة الناشئة وهم اليهود، وهؤلاء الخونة لا مكان لهم في الوطن، ومن ثم أخرج الرسول يهود بني النضير وبني قينقاع ويهود خيبر؛ لأنهم لم يحفظوا العهد الذي أسسه النبي معهم ولم يرقبوا في مؤمن إلا ولا ذمة فأخرجوا بأمر من الله ورسوله؛ لأنهم وفق كل الأعراف والدساتير والتاريخ خائنون، يستوجبون العقاب، فمثلا في التاريخ الحديث أحرق هتلر اليهود بسبب خيانتهم لألمانيا فذكر منها استنزاف أموال الشعب بالربا الفادح وإفساد التعليم والسيطرة لصالحهم على المصارف والبورصة والشركات التجارية، والسيطرة على دور النشر، والتدخل في سياسة الدولة لغير مصلحة ألمانيا وفي القمة من خياناتهم التجسس ضد ألمانيا الذي احترفه عدد كبير منهم. ويختم هتلر حديثه الطويل عن اليهود بقوله: (وإذا قيض لليهودي أن يتغلب على شعوب هذا العالم، فسيكون تاجه إكليل جنازة البشرية، وعندما يستأنف كوكبنا السيار طوافه في الأثير كما فعل منذ ملايين السنين لن يكون هناك بشر على سطحه؛ لهذا أعتقد أني تصرفت معهم حسبما شاء خالقنا، لأني بدفاعي عن نفسي ضد اليهودي، إنما أناضل في سبيل الدفاع، عن عمل الخالق) انظر تفسير الوسيط لسيد طنطاوي 1/1728.