26 أكتوبر 2025

تسجيل

إنه وحي القلم (2-2)

20 يونيو 2024

الاحتفاء بالكبار والتعريف بهم، وإخراج كنوزهم التي أودعوها في كتبهم القيمة النابضة بالفوائد، وهي كذلك استنهاض للهمم وإيقاظ للعزائم. كتب زعيم مصر مصطفى كامل باشا للرافعي يقول: «هو الحكمة العالية مَصوغة في أجمل قالب من البيان». وقال الأستاذ حسين مروَّة «كان الرافعي كلمة إسلامية جامعة، تتلخص بالدعوة الصارمة الصّارحة الصادقة إلى فضائل الإسلام». نتابع الأستاذ الكبير مصطفى صادق الرافعي رحمه الله مع كتابه (وحي القلم) «في محنة فلسطين.. أيها المسلمون» فيقول رحمه الله في وحي قلمه عن هذه المحنة يقول اليهود: إنهم شعب مضطهد في جميع بلاد العالم ويزعمون أن من حقهم أن يعيشوا أحرارًا في فلسطين، كأنها ليست من جميع بلاد العالم. وقد صنعوا للإنجليز عظيماً لا يسبح في البحار، ولكن في الخزائن وأراد الإنجليز أن يطمئنوا في فلسطين إلى شعب لم يتعود قط أن يقول: أنا ولكن لماذا كَنَستكم كل أمة من أرضها بمكنسة أيها اليهود؟ أجهلتم الإسلام؟! الإسلام قوة كتلك التي توجد الأنياب والمخالب في كل أسد. قوة تخرج سلاحها بنفسها، لأن مخلوقها عزيز لم يوجد ليؤكل، ولم يخلق ليُذل. قوة تجعل الصوت نفسه حين يزمجر، كأنه يعلن الأسدية العزيزة إلى الجهات الأربع. قوة وراءها قلب مشتعل كالبركان، تتحول فيه كل قطرة دم إلى شرارة دم. ولئن كانت الحوافر تهيئ مخلوقاتها ليركبها الراكب، إن المخالب والأنياب تهيئ مخلوقاتها لمعنى آخر. لو سئلت ما الإسلام في معناه الاجتماعي؟ لسألتُ: كم عدد المسلمين؟ فإن قيل: ثلاثمائة مليون، قلت: فالإسلام هو الفكرة التي يجب أن يكون لها ثلاثمائة مليون قوة. أيجوع إخوانكم أيها المسلمون وتشبعون؟ إن هذا الشبع ذنب يعاقب الله عليه. والغني اليوم في الأغنياء المُمسكين عن إخوانهم، وهو وصف الأغنياء باللؤم لا بالغنى. كل ما يبذله المسلمون لفلسطين يدل دلالات كثيرة، أقلها سياسة المقاومة. كان أسلافكم أيها المسلمون يفتحون الممالك، فافتحوا أنتم أيديكم. كانوا يرمون بأنفسهم في سبيل الله غير مكترثين، فارموا أنتم في سبيل الحق بالدنانير والدراهم. لماذا كانت القبلة في الإسلام إلا لتعتاد الوجوه كلها أن تتحول إلى الجهة الواحدة؟ لماذا ارتفعت المآذن إلا ليعتاد المسلمون رفع الصوت في الحق؟ أيها المسلمون! كونوا هناك، كونوا هناك مع إخوانكم بمعنى من المعاني. لو صام العالم الإسلامي كله يوماً واحداً وبذل نفقات هذا اليوم الواحد لفلسطين لأغناها. لو صام المسلمون كلهم يوماً واحداً لإعانة فلسطين، لقال النبي مفاخرًا الأنبياء: هذه أمتي. لو صام المسلمون جميعاً يوماً واحد لفلسطين، لقال اليهود اليوم ما قاله آباؤهم من قبل: إن فيها قومًا جبارين. «أيها المسلمون، هذا موطن يزيد فيه معنى المال المبذول فيكون شيئاً سماوياً. «ومضة» وختمها رحمه الله وأجزل له الثواب على ما قدمه لدينه وأمته بكلمة نفسية قائلاً: «كل قرش يبذله المسلم لفلسطين، يتكلم يوم الحساب يقول: يا رب، أنا إيمان فلان».