27 أكتوبر 2025
تسجيلعلم الله سبحانه أن الصوم مشقة للعبد وجهاد لنفسه، فَرَغَّبَهُ فيه وحببه إليه عندما غيب عنه جزاءه وجعله سرا بينه وبين عبده حتى يخلص المؤمن في صومه ليحظى بطيب العيش والنعيم المقيم في الآخرة، وقد بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه" رواه البخاري.وفي حديث آخر يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري.فقد أشارت الأحاديث النبوية الشريفة إلى الجزاء الوفير الذي أعده الله تعالى للصائم يوم القيامة، وما ذلك إلا لأن الصيام ينفرد دون سائر العبادات بخصائص كثيرة أهمها: أنه سر بين العبد وربه، وأنه عبادة شاقة فهو لون من الجهاد الأكبر كما ورد في بعض الأحاديث النبوية في الترغيب والتحبب لتقبل عليه النفوس راسخة الإيمان، قوية اليقين، لا ترى فيه عبئاً ثقيلاً تنوء به ولكن تراه نعمة وخيراً للمؤمنين وأنه فريضة خالدة في كل دين.يصل القلوب بالله ويحملها على استشعار خشيته ومراقبته وتقواه، ومن جزاء الصوم أيضا ما روي عن مالك بن دينار – رحمه الله – حين قال: "قرأت في بعض الكتب: يا معشر الصديقين تنعموا بذكري، فإن ذكري لكم في الدنيا نعيم وفي الآخرة جزاء".وقال في حديث آخر: "آثرتموني على شهواتكم، ورضيتم بي بدلا من خلقي، فبي فافرحوا، وبذكري فتنعموا، فوعزتي ما خلقت الجنان إلا من أجلكم".رواه الترمذي: أسرار مجاهدة النفس.وإذا كان موفور الجزاء من الله موقوفا على جهاد النفس وحجبها عن المأكل والمشرب وغيرها من الطيبات التي أحلها الله للناس، فليس هذا مسوغاً لتعذيب وتحميلها فوق ما لا تطيقه، وإنما الغرض من ذلك تهذيبها وتأديبها حتى لا تجنح إلى الإسراف.وبالله التوفيق.