20 سبتمبر 2025

تسجيل

اللاعب الكردي

20 يونيو 2015

حصدت التطورات في مدينة تل الأبيض السورية مقابل مدينة آقتشا قلعة التركية، الانتباه من كل القوى المعنية بحرائق الشرق الأوسط.في الإطار العام الأكراد السوريون وحدهم يحققون الانتصارات على عناصر تنظيم "داعش" بدءا بمدينة عين العرب/كوباني وصولا إلى تل الأبيض في حين أن "داعش" يحقق تقدما على أكثر من جبهة وآخرها الرمادي في العراق.تل الأبيض ليست منطقة كردية ولا تقع ضمن الكانتونات الكردية الثلاث التي أعلنوها في بداية العام 2014. المنطقة مختلطة. مثلها مثل كركوك في العراق التي هي خليط من تركمان وعرب وأكراد. تل الأبيض هي كركوك ثانية.النزاع على كركوك بين أربيل وبغداد انتهى إلى وضع الأكراد يدهم عليها بعد دخول داعش إلى العراق قبل حوالي السنة. وبها رسم أكراد العراق الحدود شبه النهائية لأي كيان مستقل في المستقبل.لكركوك معنى تاريخي للأكراد لكن ليس لتل الأبيض هذه الرمزية. عندما انتصرت وحدات الحماية الكردية على داعش في تل الأبيض كان العنوان الأبرز للإعلام الموالي لحزب العمال الكردستاني أن كانتون كوباني قد اتصل جغرافيا بكانتون الجزيرة. إذا الأهمية هنا بتشكيل منطقة جغرافية واحدة للحيثية الكردية السياسية في سوريا. يبقى بالطبع كانتون عفرين شمال حلب ولا أحد هنا يدري ما إذا كانت الخطة الكردية هي بالسيطرة على المنطقة العازلة بين كانتون كوباني وكانتون عفرين. دون ذلك صعوبات كثيرة وكبيرة جدا، لكن ما يجري في الشرق الأوسط ومنطقتنا العربية والإسلامية خارج أي توقع وتبصر.ردة الفعل الأولى جاءت من أنقرة حيث أعرب رئيس تركيا رجب طيب أردوغان أن سيطرة الأكراد على تل الأبيض تشكل تهديدا للأمن القومي التركي محملا الغرب بالاسم الوقوف وراء ذلك.لا شك أن هذا الكلام يحمل جانبا من الحقيقة. فالولايات المتحدة تحديدا هي التي كانت وراء الدعم غير المحدود للقوات الكردية عندما حاصرها "داعش" في مطلع هذا العام في مدينة كوباني وكادت تسقط.اليوم يتكرر المشهد نفسه في تل الأبيض في واقعة أكثر أهمية من كوباني على اعتبار أن وحدة جغرافية باتت قائمة بين كانتونين من الكانتونات الكردية الثلاث.في هذا المشهد تتداخل عناصر متعددة.أولا الدور الأميركي في تسيير تطورات المنطقة.وهو تجلى في دعم غير محدود ومباشر وقوي ومؤثر للمقاتلين الأكراد أينما تواجدوا سواء في شمال العراق أو في سوريا. في حين أن هذا الدعم كان شكليا وربما كاريكاتوريا في الأمكنة الأخرى حيث تسنى لداعش التقدم والسيطرة. وهذا يفتح على تساؤلات عما إذا كانت الولايات المتحدة ترسم خرائط جديدة يكون للأكراد فيها وضع مستقل أو خاص سواء داخل الكيانات التي هم فيها أو خارجها. وهذا يفتح على تداعيات إقليمية في الدول التي فيها أكراد.وإذا كان الأكراد حسموا وضعهم في العراق نحو استقلالية قد لا تحتاج إلى إعلان فإن أكراد سوريا في الطريق ليكون لاعبا سوريا وإقليميا يتجاوز دورهم الحدود السورية ليلقي بتأثيراته على الداخل التركي تحديدا.وهذا، ثانيا، يقود إلى تفسير ردة فعل أردوغان الحادة والقلقة والتي كان أبداها من قبل بشأن عين العرب قبل أن يكررها بشأن تل الأبيض.تتحسس تركيا من الوجود الكردي على حدودها مع سوريا ولكنها لا تتحسس من وجود "داعش". هذا ما يقوله كتاب أتراك مرموقون في إشارة إلى انهيار السياسة التركية تجاه الوضع في سوريا.لكن القلق التركي الأكبر يأتي من أن يشكل الأكراد شريطا جغرافيا يمتد من شمال العراق إلى البحر المتوسط أو أقل من ذلك. وهذا بالطبع له تداعيات حضارية وسياسية هائلة. إذ إنه يقطع جغرافيا الروابط المباشرة لتركيا مع الفضاء العربي. وإذا انتقل المخطط إلى إيران ونجح هناك فإنه سيقطع الصلة المباشرة لتركيا مع الفضاء الإيراني. ويعكس البعض المؤيد لحزب العدالة والتنمية القلق الكبير من جراء ذلك بالقول إن ذلك قد ينعكس على الداخل التركي قريبا من خلال تشكيل حكومة يستبعد منها حزب العدالة والتنمية ليكتمل حصار سياسة تركيا الخارجية وإعادة حبسها داخل الأناضول من دون أن تستطيع ممارسة أي تأثير خارجي!.