17 سبتمبر 2025

تسجيل

دستور .. يا دستوريين!!

20 يونيو 2012

أمريكا لا تفرق وهي تنظر إلى مصالحها ومصالح إسرائيل بين الحكومة والمعارضة ولا تفرق بين حكومة السودان وحكومة جنوب السودان، مصالحها هي التي تقود سياستها الخارجية وكل ما يتصل بعلاقاتها الخارجية.. فمنذ أن حملت أمريكا عصاها وشركاتها وخرجت من السودان عام 1983 عقب إعلان تطبيق الشريعة الإسلامية وإغلاق الخمارات وسحق زجاجات الويسكي وسكب محتوياتها على النيل لم تعد للسودان مرة أخرى من الأبواب ووفق الأعراف الدولية والدبلوماسية.. فأعانت على قيام الانتفاضة الشعبية والرئيس نميري على أراضيها مستشفياً..وبعد قيام الأحزاب ومعادلة الترتيب كما جاء في آخر انتخابات بعد الانتفاضة، ظلت أمريكا والبنك الدولي وصندوق النقد عند مواقفها - رغم الحكومات الديمقراطية - ظل الموقف الأمريكي من السودان كما هو لأن الأحزاب المؤتلفة آنذاك عجزت عن كسر الإرادة الشعبية الحريصة على مكتسبات إعلان 1983 القاضي بإعلان الشريعة.. وظلت على ذات المسافة والحكومة الديمقراطية تترنح وتهوي لأن قضية أمريكا كانت الشريعة وليس الدكتاتورية والديمقراطية... ولا إرادة شعب السودان.. بل أنها ظلت تدعم حركة التمرد إلى أن بلغت مشارف خزان الروصيرص والدمازين.. وبدأ الحديث عن الزحف إلى الخرطوم.. واليوم تقف القوى المعارضة الرافضة لكل أطروحات الحكومة على مسافة بعيدة مطالبة أو معلنة ضرورة إسقاط النظام في تحد واضح للحكومة مستخدمة جميع الخيارات من الاستعانة بأعداء الأمة والوطن والدين والاستعانة بالمعونات والدعومات السياسية والإعلامية واستغلال عملية الإصلاح الاقتصادي لمصلحة السودان وشعب السودان لتحقيق أهدافها وهذا أمر خطير سيدفع بالأمور إلى المواجهة بأن تستخدم الحكومة أيضاً جميع الوسائل والأساليب والإجراءات المتاحة لديها في مواجهة القوى المعارضة.. وهو أمر يؤسف له بأن يتجه الجميع نحو العنف والتقاتل بديلاً للحوار والتداول حول الإصلاح الاقتصادي والكل يعلم أن هذا الوضع الاقتصادي الراهن هو جزء من تداعيات الاهتزاز الاقتصادي العالمي إضافة إلى الحصار الامريكي المفروض على بلادنا منذ عام 1983 ولم يرفع حتى عندما كانت المعارضة تحكم.. وعلينا أن نستعرض التاريخ ومواقف الأمريكان من السودان بصرف النظر عن من هو الذي يحكم.. وإذا كان هذا الحصار الأمريكي المعلوم الأهداف سيقود إلى انهيار الاقتصاد السوداني وإفلاس الدولة فإن اتخاذ التدابير التي تجنب بلادنا شبح الانهيار يصبح أمراً واجباً وجراحة لازمة لا بد منها.. وليس هناك بد من ذلك .. وليس بالضرورة أن تكون الترجمة الحرفية لعلميات الإصلاح هو زيادة الأسعار وزيادة أعباء الحياة على المواطنين.. فإن الحكومة بوسعها أن تجنب الفئات الضعيفة تداعيات الإصلاح الاقتصادي وذلك باتخاذ العديد من الإجراءات المانعة للانعكاسات السلبية لعمليات الإصلاح على الشرائح الضعيفة.. ونحن نعلم أن أي إصلاحات لا بد لها أن تمس جميع القطاعات بنسب متفاوته.. وعلى الحكومة أن تبدأ بنفسها بتقليص أو إعادة هيكلة الحكومة والحكومات الولائية بحيث يستمر دولاب العمل بالصورة المرضية وفي ذات الوقت يكون هناك ضغط على المنصرفات ونفقات إدارة الدولة.. فالبلاد في مثل هذه الحالات ليست بحاجة إلى عشرين مجلس تشريعي وعشرين حكومة ولا آلاف من الدستوريين.. سبع ولايات كافية جداً وفي كل ولاية..والي وعدد من المعتمدين كما كان الحال قبل الحكم الاتحادي الذي ضاعف من انعكاسات الأوضاع الاقتصادية.. ودستور يا دستوريين بالمئات في أوضاع اقتصادية كهذه.. عليكم أن تتقدموا بمبادرة تحفظ التوازن حتى انقضاء الستة أشهر القادمة ثم تعودون إلى مواقعكم سالمين غانمين!