13 سبتمبر 2025
تسجيلفي ضوء الصلف الأمريكي المتمثل بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس يأتي انعقاد القمة الإسلامية الطارئة في تركيا وهي قمة غابت عنها ذات الزعامات العربية التي يراها الشارع العربي سبباً رئيسياً للخيبات العربية المتلاحقة. والحق أنه ما كان بإمكان الرئيس ترامب ولا غيره العبث في هذا الملف الذي بقي خطاً أحمر لولا التخاذل بل والتواطؤ من قبل أنظمة عربية لدولة وازنة في هذا الإقليم. لا نعرف كمراقبين كيف سيكون لمثل هذه الخطوة أثر إيجابي يعود بالنفع على عملية السلام والاستقرار الإقليمي! فالتفاهم الأمريكي مع إحدى الدول العربية كان ينصب على هذه النقطة على وجه التحديد، فالقدس وفقا لصفقة القرن هي خارج سياق المفاوضات وتم حسمها لصالح إسرائيل. والأنكى أن تسريبات بنود صفقة القرن تلغي حق العودة، وهو أمر إن تحقق سيعني أن الشعب الفلسطيني سيبقى يعيش في الشتات إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا. والسؤال هنا كيف سيتحقق السلام؟ أجزم أن الشعب الفلسطيني لن يخرس كما طلب منه أحد القادة العرب الشبان. تأتي القمة الإسلامية الطارئة لتبعث برسالة واحدة لا تقبل اللبس: لن تمض هذه الصفقة وستصبح نسيا منسيا، فالعرب والمسلمون لن يقبلون بأن يتم التنازل عن القدس بصرف النظر عن المبررات وبالرغم من وجود المتآمرين بين العرب الذي لا هم لهم سوى الانسياق وراء السراب والوهم. في لقاء جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من بعض الحاخامات اليهود بمدنية نيويورك أثناء زيارته الأخيرة تحدث باستفاضة عن صفقة القرن وعملية السلام، وأصاب الحضور بالذهول من شدة انتقاده للفلسطينيين في وقت كان ينبغي أن يصب جام غضبه على استمرار الاحتلال الذي ما زال جاثما على صدور الشعب الفلسطيني. في ذلك اللقاء قال ولي العهد السعودي بأن على الفلسطينيين أن يقبلوا أو يخرسوا! بتقديري أن الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه لن يحاضر عليه أحد بما عليه أن يقوم به ولن يستورد العبر والدروس من تجارب السعودية. زعماء العرب الملك عبدالله الثاني وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد والرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكدوا أن القدس هي فلسطينية بامتياز ولن يغير من الأمر نقل سفارة هنا أو هناك. ولم تكتف القمة الإسلامية الطارئة بالتصريحات الإنشائية بل تم الإعلان عن خطة تستهدف ملاحقة إسرائيل بالجمعية العامة للأمم المتحدة. اللافت في القمة هو موقف الأردن، فمشاركة الملك عبدالله الثاني بمرافقة جميع أخوانه الأمراء من العائلة الحاكمة تعكس خروجا أردنيا عن المألوف وفضحا لمواقف دول عربية تعلن عن طموحها بالوصاية على المقدسات الإسلامية وهي الوصاية التي حصل عليها الأردن بموجب معاهدة وادي عربة. ولنكن مباشرين، لم يعد الأردن يرى بالسعودية سنداً له بل منافساً في مسألة الوصاية ويخشى الأردن بأن تقدم السعودية المزيد من التنازلات لإسرائيل لقاء إخراج الأردن من ملف الوصاية. الغضب الأردني من السعودية لم يعد أمراً يمكن إخفاؤه، فالإعلام الأردني يعج بالانتقادات اللاذعة للموقف السعودي من فلسطين. وحتى لن نبيع الوهم، علينا عدم المبالغة بما يمكن أن تحقق القمة الإسلامية الطارئة، فالانقسامات العربية وتضارب الأجندات والأولويات يصعب من مهمة القمة الإسلامية الطارئة من تحقيق مكاسب للشعب الفلسطيني، وربما أكثر ما يمكن تحقيقه هو تعطيل صفقة القرن، فمجرد أن يقول الفلسطيني كلمة لا تصبح هذه الصفقة نسيا منسيا، لذلك نفهم دعوة الملك عبدالله من ضرورة دعم تمكين صمود الشعب الفلسطيني على ترابه الوطني لأن ذلك هو السبيل الوحيد لإفشال الصفقة المشؤومة.