11 سبتمبر 2025

تسجيل

بنوك التنمية العربية.. والدور التنموي المرتجى

20 مايو 2015

توسعت الدول النامية في إنشاء بنوك التنمية لتأخذ من اسمها دورها التنموي المرتجى باعتبارها بنوكا متخصصة تهدف إلى توفير التمويل متوسط وطويل الأجل للمشروعات التي تعمل في مجالات الإنتاج السلعي والعقاري حيث أنشئ أول بنك صناعي في بلجيكا عام 1822 م وانتشرت بعد ذلك في أوروبا في البداية، لاقتصار دور المصارف التجارية على توفير التمويل قصير الأجل، ومن ثم رأت الحكومات أهمية إنشاء هذه البنوك للاستفادة من ثمار الثورة الصناعية، وبعدها انتشرت هذه البنوك في الدول النامية لتحقيق التنمية ولذلك حصلت بنوك التنمية على دعم من الحكومات ومؤسسات وصناديق التمويل في صور مختلفة مثل منح قروض بشروط ميسرة وبأسعار فائدة مدعمة أو فترات سماح طويلة أو تقديم معونات فنية، كما تختلف نوعية الخدمات المقدمة من هذه البنوك، ومدى جودتها، باختلاف درجة نمو وتقدم كل دولة بما يعكس تطور الجهاز المصرفي بها، لذلك لجأت بنوك التنمية إلى تنويع أنشطتها لتتوافق مع مقررات "بازل" الدولية التي تنظم أنشطة البنوك، ومع تقارير مؤسسات التقييم الدولية الأمر الذي ساعدها على القدرة التنافسية وتعظيم الإيرادات ومعدلات الربحية وهي محددات نجاح البنوك، بما يساعدها على المشاركة الحقيقية في عمليات التنمية الصناعية والسياحية والزراعية، وفق الرؤية الاقتصادية الوطنية التي تسهم في تنويع مصادر الدخل بمعدلات ونسب لها تأثيرها القوي والفاعل في تنشيط الاقتصادات الوطنية. لذلك فإن اقتصار أنشطة بنوك التنمية على تمويل المشروعات الصغيرة التي تشبه إلى حد كبير في قدرتها على التنويع الحقيقي لمصادر الدخل لأنشطة المقاصف أو الجمعيات التعاونية المدرسية، بما يستنزف مواردها وطاقاتها، ويحول دون تمويل المشروعات الاقتصادية الكبرى ذات التأثير القوي في تنويع مصادر الدخل، مما يتطلب بذل المزيد من الجهد لخدمة الزبائن وتبسيط الإجراءات وتوسعة النشاط التسويقي والترويجي على القطاعات التنموية الاقتصادية وتكثيف التواصل مع المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بخدمات البنك لحث الممولين والمستثمرين على التفاعل مع أنشطة البنك، حتى يتمكن من القيام بدور أكبر في تعزيز التنمية الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل من خلال تمويل استثمارات القطاع الخاص في القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والخدمية ذات القيمة المضافة والتي تتصدر أولويات خط التنمية الاقتصادية، التي تضعها الدول على قائمة اهتماماتها لتوفير فرص عمل جديدة في المشروعات كثيفة العمالة لمواجهة جحافل الباحثين عن عمل التي تتراكم عاما بعد آخر، إلى جانب الصناعات القائمة في المناطق الصناعية والمناطق الحرة، لذلك حاولت بعض الدول العربية تطوير بنوك التنمية وتحويلها إلى بنوك تنمية صناعية، لتوفر التمويل متوسط وطويل الأجل وتقدم المعونة الفنية للقطاع الخاص الصناعي، وهناك أمثلة مثل مساهمة بنك التنمية الصناعي المصري في إنشاء العديد من مشروعات القطاع الخاص الصناعي والتي تطورت وأصبحت تؤدي دورا هاما في الاقتصاد المصري وبعضها أصبح من قلاع المشروعات الصناعية التي تعد القاعدة الصناعية بالدول النامية، ومع تحرير تجارة الخدمات وما ترتب عليه من حرية انتقال رؤوس الأموال وتحرير الخدمات المصرفية العالمية، وتطور دور بنوك التنمية الصناعية في مختلف دول العالم في السنوات الأخيرة فقد تنوعت أنشطة هذه البنوك لتمتد إلى التجزئة المصرفية والتمويل العقاري والزراعي وأصبحت تقدم خدمات مصرفية مماثلة لما تقدمه البنوك التجارية، خاصة مع احتدام المنافسة بين البنوك على تقديم خدمات ومنتجات مصرفية متنوعة حتى تتمكن من تنويع محفظة القروض لديها لتنويع المخاطر والتقليل منها وكذلك لتقديم حزمة من الخدمات المصرفية المبتكرة والمتنوعة، التي تواكب التطورات التكنولوجية الحديثة، التي تجذب قاعدة عريضة من المتعاملين، وفي ذات الوقت تسهم في زيادة معدلات الربحية، حيث ارتبط تقديم القروض لتمويل المشروعات الصناعية أو الزراعية بمجموعة من خدمات التجزئة المصرفية، وإلى جانب ذلك سوف تتمكن بنوك التنمية الصناعية من تمويل الكثير من الصناعات أو المصانع المتعثرة ومساعدتها على القيام من جديد بدورها في رفد الدخل الإجمالي، وتأدية دورها في تلبية الاحتياجات المحلية من المنتجات الصناعية وتعزيز قدرتها على الصادرات وكذلك في إنشاء وتطوير وتحديث المنشآت الصناعية، والمشاركة في تخفيف العبء عن كاهل الدولة، ولكن ذلك لا يمكن أن يتحقق أو يتم بالصورة الصحيحة إلا بتوافر العديد من المقومات أهمها القدرة التمويلية ورفع سقف التمويل للاستثمارات والملاءة الاقتصادية المناسبة، والخبرات والكوادر الفنية المؤهلة والمدربة، والتشريعات الحديثة والمرنة في ذات الوقت وصياغة سياسة ائتمانية تواكب الطموحات والتطلعات المستقبلية والخطط الاقتصادية والتنموية والائتمانية التي تخدم خطط تنويع مصادر الدخل التي تتبناها الدولة والقطاع الخاص، على أنه يمكن أيضا أن يكون لدى هذه البنوك أقسام مستقلة تقدم خدماتها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتسهيلات ومزايا مرنة تتناسب مع قدراتها وإمكاناته، على ألا يتدخل ذلك مع جهات التمويل الأخرى.