10 سبتمبر 2025
تسجيلما هي إلاّ ساعات ويرحل عنا شهر القرآن، وما أجملك من شهر!. رمضان مدرسة تحمل القيم العملية تعدّل وتوجه السلوك إلى كل خير، وتضبط الحركات وفق شرع الله سبحانه وتعالى، إذا أردنا ذلك لاستقامة منظومة حركة حياتنا في جميع شؤوننا. أيها الموفّق.. كنتَ في هذا الشهر تُصاحب القرآن وتلازمه في ليلك ونهارك، وما أنفس وأجمل هذه الصحبة! فماذا بعد رحيل الشهر كيف سيكون حالك مع القرآن الكريم؟ هل سيفتح فقط يوم الجمعة لقراءة سورة الكهف؟ أماذا؟! إنّ من أجل النعم أن تصرف وقتك في تلاوته، وأن يكون لك ورد يومي لا تتنازل عنه، أنت تحدد هذا الورد وتسير عليه، ولا تشغلك الصوارف والملهيات عنه، كمنصات التواصل التي أخذت أوقاتنا فأصبعك لا يكاد يرتاح من كثرة تصفح هذه المنصات، وكثرة الذهاب إلى الأسواق والمجمعات الكبرى والجلوس في المقاهي بالساعات، وتخصيصك وقت للذهاب إلى الصالات الرياضية-وهذا خير لجسمك-، والتجوال من مجلس إلى مجلس بحجة اللقاءات الاجتماعية والتزاور-وهذا خير- ولكن ليس على حساب وردك وجلوسك مع كتاب ربك الذي هو حياتك. نعوذ بالله من الغفلة!. فـ» القرآن الكريم لا يحتاج إلى وقت..! وقتك هو الذي يحتاج للقرآن». نعم.. لا تهجره ولا تقطعه! فهو حياة وراحة وسكينة وخير لك في دنياك وآخرتك. أليس كنتَ تقول في دعائك «اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور بصري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي وغمي». فهجران القرآن الكريم بعد رمضان مأساة وغفلة يقع فيها الكثير منا –ولا نعمم- نسأل الله السلامة!. أيها الموفّق.. خصص وقتاً في يومك لقراءة القرآن الكريم جزء أو حزب أو صفحة، وإذا فاتك وردك فاقض ما فاتك في اليوم الذي بعده، وإياك أن تقع في مصائد هجره فهذا ضياع وقطيعة، وتضيع عليك الحياة حتى لو تملك ما تملك، ولك من المكانة الاجتماعية ما لك، والمنصب العالي، ولا تتعذر ما عندي وقت، فهذه كلمة لا معنى لها، وهي من سفه القول والتبرير الذي ليس في محله أبداً. ومن أنتَ حتى تقول -ما عندي وقت-. جاء عن الخليفة الراشد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال «لو أن قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربنا، وإني لأكره أن يأتي عليَّ يوم لا أنظر في المصحف». وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه «إن أصغر البيوت بيت ليس فيه من كتاب الله شيء، فاقرؤوا القرآن فإنّكم تؤجرون عليه، بكلِّ حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول الم، ولكني أقول ألف، ولام، وميم». وقال القاسم بن عبدالرحمن رحمه الله قلتُ لبعض النُسَاك: ما ها هنا أحد نستأنس به؟! فمدّ يده إلى المصحف وضعه على حِجَرِه. وقال: هذا!.» تلاوة القرآن الكريم زاد، فلنحافظ على الزاد، فهذا هو التوفيق!. «ومضة» عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتقِ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر أية تقرؤها». يا لها من منزلة يسعى لها أصحاب الهمم!. فالكل يقدر أن ينالها.