11 سبتمبر 2025
تسجيليعتبر الحوار مع الغرب تحديا كبيرا يواجه كل مسلم في القرن الحادي والعشرين. ونجاح الحوار يتوقف على استعداد الطرفين للتحاور والتفاهم، والمقصود بالاستعداد هنا هو نية الحوار وإرادة فهم الآخر ومحاولة التعرف عليه واحترامه. كما يقوم الحوار على الاحترام المتبادل والإنصاف والعدل ونبذ التعصب والكراهية. وحتى يكون الحوار ناجحا يجب أن يكون متكافئا ومتوازيا بين الطرفين. ما نلاحظه اليوم بين الإعلام العربي والغرب هو سيطرة الصناعات الإعلامية والثقافية الغربية وخاصة الأمريكية منها على تدفق الأخبار والمعلومات في العالم. هذا الوضع جعل الإعلام العربي تابعا ومستهلكا غير قادر على الحوار والنقاش ومواجهة الآلة الإعلامية والدعائية الغربية. فالوضع الراهن يتطلب استثمارا منظما ومنهجيا في الصناعات الإعلامية والثقافية لتقديم مخرجات إعلامية وثقافية وعلمية تخاطب الآخر بلغته ومنطقه وتبصره بالأدلة والبينة والحجج والبراهين بواقع الإسلام والمسلمين وتاريخ الحضارة الإسلامية. أفرزت الحملات الدعائية والصور النمطية والتشويه المنهجي الذي تبنته الآلة الإعلامية والصناعات الثقافية الغربية موقفا سلبيا ومعاديا للإسلام والعرب. ففي الوقت الذي يعترف فيه الإسلام بالآخر وباحترام الديانات والثقافات والحضارات والشعوب نلاحظ رفض النصرانية واليهودية للآخر وللتعدد والاختلاف وعدم القبول بالآخر والعمل على استئصاله. المتضرر الأول من هذا الوضع هم المسلمون والعرب وهم بذلك بحاجة إلى تحرير إعلامهم من القيود والتبعية والأزمة التي يتخبط فيها، وهم كذلك بحاجة إلى مشروع إعلامي واضح المعالم يواجهون به التشويه والتضليل ويقدمون من خلاله حضارتهم وحقيقة دينهم وتعاليمه ومبادئه. كما أنهم بحاجة إلى استراتيجية عمل وإلى مشاريع يقدمون من خلالها الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين والعرب والحضارة الإسلامية. موقف المسلمين كذلك من الغرب، بحاجة لأن يتخلص من نظرية المؤامرة ومن الأحكام المسبقة والصور النمطية وفكرة أن الآخر لا نية له للتحاور والتفاهم. العرب والمسلمون بحاجة إلى أن يهتموا بصناعة الصورة والرأي العام. انعدام الحوار أو عدم تكافؤ الحوار وصراع الديانات وصراع الحضارات لا يخدم إلا الطرف الذي يريد أن يعيش في ظل الأكاذيب والأساطير والتشويه والتضليل والصور النمطية، والطرف الذي يريد أن يسيطر ويهيمن ويفرض ثقافته ووجهة نظره ويقصي الآخر. بعد فشل الحوار وظاهرة الإسلام فوبيا والتشويه المنهجي للإسلام والمسلمين والعرب، وأزمة الإعلام العربي وغياب مشروع إعلامي عربي لمواجهة الصور النمطية والتشويه والتضليل، ما هو الحل وما هي الإجراءات العملية لتصحيح الوضع وبناء جسور الحوار والتفاهم مع الآخر؟ فيما يلي نستعرض جملة من الإجراءات التي يجب أن تقوم بها الدول العربية والإسلامية لبناء حوار فعال لمواجهة الوضع غير السوي ولتقديم الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين وللرد على الأساطير والأكاذيب في حق الإسلام والمسلمين. 1. تحرير الإعلام العربي من القيود ومن القوانين البالية: وهذا يعني تحرير القائم بالاتصال والمثقف العربي من كابوس الرقابة الذاتية حتى ينتج رسالة إعلامية قادرة على المنافسة والتأثير في الرأي العام سواء على الصعيد المحلي أو الدولي. وكذلك جعل المؤسسة الإعلامية وسيلة للإبداع والإنتاج الفكري ومنبرا للحوار والنقاش البناء. 2. توفير الإمكانيات والوسائل وشروط النجاح للقائم بالاتصال حتى يؤدي رسالته على أحسن وجه. والعمل على تطوير مهاراته وإمكاناته من خلال دورات تعليمية وتدريبية بصفة دورية ومستمرة. 3. تجديد الخطاب الإعلامي العربي: الخطاب الإعلامي الإسلامي والعربي بحاجة إلى تطوير وإلى منهج جديد في الشكل وفي المضمون وفي المنهجية. حيث ضرورة تحريره وإعطائه الحرية الكاملة لطرح القضايا الرئيسية التي تهم الشارع والرأي العام محليا أو دوليا مع ضرورة تماشيه مع متطلبات العصر واحتياجاته، وكذلك الخروج من النمطية والرتابة والتبعية. 4. إنشاء مرصد عربي لوسائل الإعلام الغربية: العرب بحاجة إلى مرصد لوسائل الإعلام الغربية لمتابعة التجاوزات في حق الإسلام والمسلمين والعرب والرد عليها بالسرعة الفائقة وتفنيد كل الأساطير والأكاذيب والحملات الدعائية. هذا الرصد يجب أن يكون منهجيا وبطريقة منظمة للمتابعة أولا بأول كل ما يسيء للإسلام والمسلمين والعرب في مختلف وسائل الإعلام العالمية وفي مختلف المنتجات الثقافية. 5. إنشاء مركز للدراسات والبحوث: يقوم بتزويد صانع القرار بالمعلومات والإحصائيات الضرورية لاستخدامها في تصحيح صورة العرب والمسلمين وفي إقامة حوار منهجي وبناء مع الآخر.