12 سبتمبر 2025

تسجيل

النفط بعض من السياسة والاقتصاد

20 أبريل 2014

يبدو أن العالم من أقصاه إلى أقصاه مهموم بشأن تدبير موارد الطاقة الموازية لحجم الاحتياج الفعلي المتنامي تبعاً للتزايد السكاني وتوسع بعض المجتمعات في نموها واحتياجاتها؛ فيتحدثون عن الطاقة البديلة لمجرد كبح جماح الأسعار المتزايدة للنفط الذي يعد عصب الطاقة الآن ويتحدثون أيضاً عن النفط الصخري كمورد منافس للإنتاج الأحفوري للنفط والغاز، وهي أحاديث تُفهم غالباً في نفس السياق الخاص بالأسعار وتحجيم المنتجين أو مجرد تخويفهم بوجود بدائل تغني عن مواردهم ومنتجاتهم وهذه ورقة نفسية اُستخدمت فعلاً لعقود زمنية طويلة سوى أنها لا تعطي فائدة على المدى البعيد لما للنفط وأسواقه من "دينامكية " واسعة ترتبط بحقيقة موارد النفط وأسواقه بل عطلت تلك الأطروحات أحياناً مهام البحث والتنقيب عن مكامن جديدة في بعض الدول مما أسهم في زيادة الأسعار دون أن يكون كابحاً لها " ولكنها تظل ورقة سياسية تدعمها بعض الأبحاث والتحليلات العلمية والإعلامية لإضافة قدر من المصداقية عليها " أيضاً يبقى النفط ثروة تدعم الكثير من التوازنات العالمية في مجالات السياسة والاقتصاد ويحتاج التعامل به هكذا كورقة إستراتيجية ومحورية إلى جملة احتياطات وتحفظات لا تضمن انعكاساً مضراً على كل الأطراف من منتجين ومستهلكين تجرهما لحالات من المواجهة والتنافس قد يتوسع مداها وانعكاسها على كل العالم ومجالات تطوره خاصة البحثية والاستثمارية منها التي يعرقلها غالباً الدخول في تنافسات ومزايدات وتحليلات غير واقعية لمستقبل الطاقة ؛ فقبل أيام كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في حوار مع مواطنيه تخلله الحديث عن العوائد النفطية في بلاده وتأثرها بالأوضاع والمستجدات العلمية في مجالات النفط فكان يشيد بالسياسة السعودية في مجال إدارة الإنتاج النفطي وتقنين تدفقاته إلى الأسواق العالمية مشيراً إلى التنسيق الروسي السعودي في هذا المجال باعتبار السعودية هي الدولة الوحيدة القادرة على ضمانة المستوى السعري المناسب تبعا لقدراتها الإنتاجية لضخ المزيد من النفط للأسواق. عموماً تصريحات بوتن وإشادته المباشرة بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز واصفاً العلاقات بين بلاده والسعودية بأنها "طيبة جدا " رغم التباين في المواقف تجاه سوريا ورغم التهديدات العلنية المتكررة والتي أطلق آخرها في مطلع العام الحالي حين تعرضت روسيا لهجوم " فولغوغراد " الإرهابي والتي هدد فيها بتغيير خارطة الشرق الأوسط متهماً السعودية وقطر بدعم الإرهاب دون مبرر منطقي سوى أنها الحماسة لامتصاص غضب الشعب الروسي وصرف ميوله نحو اهتمامات أخرى؛ ففي استقراء للموقف ربما أخذ الرئيس الروسي على عاتقه بعد تصريح الغزل الأخير تجاه السعودية مهمة مصالح بلاده مستخدماً النفط كبوابة للتعاطي مع الظروف وبناء تفاهمات جديدة؛ ومن جانب آخر تنتهج السعودية سياسات لا ترتهن مباشرة إلى مكانتها النفطية وملأتها المالية بفرض النفط كورقة تفاوضية لتمرير سياستها المعتدلة أصلاً معتبرة أن مثل ذلك الأسلوب غير مجد على المدى الطويل ومضر بالأسواق العالمية بل ترتهن إلى تأسيس علاقات ذات فهم أعمق دون أن يكون النفط محورياً في كل الآراء والمواقف، وقد أشار إلى ذلك وزير النفط السعودي المهندس علي النعيمي في معرض حديثه في لاهاي بهولندا يوم الجمعة الماضي حين كان يستعرض رؤى المملكة كدولة كبرى منتجة للنفط ومبيناً مواقفها تجاه المصادر المستحدثة للطاقة وتحليله للسوق النفطي في ضوء ذلك مشيراً إلى أنها عامل استقرار لأسعار النفط؛ أخيراً تظل الطاقة بوابة العالم نحو مستقبل البشرية ونموها وسعادتها في حين يظل من يجعلها مشجباً للمصالح والصراعات أيضاً.