13 سبتمبر 2025

تسجيل

هل من متغيرات في لبنان والمنطقة ؟

20 أبريل 2013

لم يمض وقت طويل بعد على تكليف النائب البيروتي تمّام سلام تشكيل الحكومة. هو لا يزال ضمن دائرة البحبوحة الزمنية الممنوحة عُرفاً لرؤساء الحكومات في تشكيل حكوماتهم. وإذا كان سلام يردّد أن محركات التأليف لم تدر بعد، فهذا لا يعني بحال من الأحوال أن رسائل الطمأنة التي يبعث بها للقوى السياسية وللشعب اللبناني ستخفف منسوب القلق لديهم، وأن أقلامه الملونة التي يعدّها لرسم لوحته الحكومية لن تنكسر أمام جفاف الورق الذي يريد الحفر فيه. تمّام سلام لا يبوح بأكثر من أنه يريد حكومة مصلحة وطنية، مطلقاً العنان للفرقاء السياسيين والمتابعين أن يؤول كلّ منهم وعلى مراده، ووفق ما يهوى، ما الذي يقصده سلام بحكومة المصلحة الوطنية.. تارة نسمع أنه يفكر بحكومة مصغرة من 12 إلى 16 وزيراً، وطوراً يُسرَّب أنه يفكر بحكومة موسعة من 24 إلى ثلاثين وزيراً، وغالباً ما يُنقل عنه أنه يريد حكومة من غير المرشحين إلى المجلس النيابي في أول استحقاق انتخابي قادم. قوى 14 آذار تحاول أن تظهّر نفسها كالأم التي تختبئ عن ولدها خلف أول جدار، وهو يتعثر في خطواته الأولى. يقول تيار المستقبل، الرحم الذي خرج منه سلام: نريد من رئيس الحكومة المكلف أن يشكل حكومة تكنوقراط هدفها الأساسي إجراء الانتخابات بعد إعداد قانون انتخابي تجري على أساسه. قوى 8 آذار تحاول أن تغوص في نوايا خصومها السياسيين، وهي تدرك تماما أن أوراق الجميع في لبنان مكشوفة للجميع. ولهذا فهي ترسل إشارات استباقية تنبيه لسلام من خطو أي خطوة دون مشورتها مؤكدة على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية. فقوى 8 آذار غير مستعدة للتنازل عن حقها في أي حكومة تُشكل، ناسية أو متناسية أن الحكومة التي استقالت بالأمس، كانت حكومة تحد ومن لون واحد، وبعيدة عن أي شراكة مع من تنازعهم اليوم توزيع الحصص في الحكومة العتيدة.. فحكومة سلام ينبغي أن تكون حكومة سياسية، وإلا كيف يسمح لرئيسها أن يكون محسوباً على تيار سياسي، ولا يسمح لوزرائه أن يكونوا من التيارات السياسية الموجودة في البلد، تتساءل قوى 8 آذار؟ حالياً، تعلم مكونات 8 آذار أن من أسقط حكومة ميقاتي هو الحليف السابق لها وليد جنبلاط في سبيل تصحيح علاقته مع السعودية التي قطعها هو نفسه بإسقاط حكومة سعد الحريري، وأن العودة إلى الحكومة العتيدة ليس طمعاً في كعكة الحلوى وإنما قلقاً وريبة من انفراد قوى 14 آذار بطبخات جاهزة داخليا وخارجياً، ولكل حساباته من حزب الله والجبهات السياسية والعسكرية التي يقاتل على ثغورها وصولاً إلى التيار الوطني الحر الذي يرى أنه الممثل الحقيقي للوجود المسيحي في لبنان، وهو لن يسمح أن يُبخس التيار في المكيال ولا في الميزان، طالما أن جردة الحساب عند الناخب المسيحي باتت قريبة. ربما الحرص على الحكومة العتيدة يفسر هذا الانفتاح والتبدل في العلاقة مع السعودية بهذه السرعة.. فلم تعد السعودية مصدراً ومُصدّراً للإرهاب إلى سوريا ولبنان والعالم العربي في أدبيات التيار الوطني الحر، فالسعودية بلد كبير ومعطاء، وجلالة الملك عبدالله هو صاحب القلب الواسع والعقل الراجح.. السعودية طبعاً أعادت التحية بأفضل منها، فسفيرها في لبنان العسيري قال "السعودية ليست على قطيعة مع أي طرف لبناني، والجنرال ميشال عون مرحّب به من قبلنا، كما أي شخصية لبنانية أخرى، بمعزل عن انتمائها السياسي". وإذا صحت التسريبات من أن لقاءات قادمة سوف تجمع السفير السعودي مع قيادات رفيعة في حزب الله، فهذا مؤشر إضافي على أن تحولاً كبيراً في مجرى العلاقات السعودية مع قوى 8 آذار وعلى رأسها حزب الله. والسؤال المطروح: هل سيغير هذا الانفتاح، غير المعروف حدوده وأبعاده، واقع الحال القائم في لبنان؟ وهل سيعيد رسم خطوط التماس والتوتر بين المحاور المتشابكة في الصراع الدائر في سوريا؟ الله أعلم.