17 سبتمبر 2025
تسجيللا شك أن غبار الثورات العربية خلق جواً ومناخاً غير مستقر، خاصة أن بعض هذه الثورات لا يزال غبارها كثيفاً ومحتدماً وسط قتال عنيف وشرس بين الثوار والأنظمة الدكتاتورية الحاكمة مثل ما يحدث الآن في ليبيا واليمن بعد أن قرر حاكم ليبيا العقيد القذافي شن حرب إبادة ضد شعبه بالتعاون مع المرتزقة القادمين من خارج ليبيا ومن خارج الوطن العربي، أما غبار الثورة اليمنية فهو الآخر كثيف وداكن لأن الرئيس علي عبدالله صالح يرفض حتى الآن التنحي عن الحكم رغم أنه فقد الشرعية بعد أن خرجت الملايين من الشعب اليمني تطالبه بالرحيل. أما في سوريا فنجد عاصفة من نوع آخر هذه العاصفة ليست امتداداً لرياح الثورات العربية الأخرى كالثورة التونسية أو المصرية اللتين هدأت رياحهما واستقرت أوضاعهما نحو مستقبل مشرق لهاتين الدولتين العربيتين على أمل أن تلحق بهما الثورة الليبية واليمنية، فالعاصفة السورية كما أعتقد هي عاصفة قديمة – حديثة، قديمة لأن سوريا كما نعلم مستهدفة منذ احتلال العراق عندما قررت الإدارة الأمريكية رسم خريطة جريدة للشرق الأوسط الكبير وهذه الحقيقة أصبحت واضحة وجلية ولا تحتاج إلى دليل أو برهان لكن سوريا صمدت أمام هذا المخطط الصهيوني – الأمريكي وأفشلته عندما تمكنت المقاومة العراقية الباسلة من تقليم أظافر هذا المشروع في العراق الشقيق وعندما تمكنت سوريا نفسها من إحباط هذا المشروع بدعم هذه المقاومة سواء في العراق أو في لبنان أو فلسطين. الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن حركتها "الكرامة" العربية وليس رغيف الخبز فقط والدليل على ذلك أن شباب هذه الثورات ليسوا من الفقراء والمحتاجين فقط، وإنما هم من جميع فئات الشعب وشرائحه بل إنهم من الميسورين حالاً أحياناً خاصة شباب الفيس بوك والإنترنت مما يعني أن هذه الثورات هبت لعودة "الكرامة" للمواطن العربي وللوطن العربي بعد أن باع حكام هذه الدول كرامة شعوبهم في سوق العمالة الصهيونية الأمريكية. ولأن هدف هذه الثورات العربية هو عودة "الكرامة" لهذا فإن العاصفة السورية تختلف رياحها عن رياح هذه الثورات لأن الكرامة الوطنية والقومية موجودة حتى الآن في سوريا، فهي دولة عربية صامدة حتى الآن أمام المخطط الصهيوني – الأمريكي بدعمها للمقاومة العربية وصمودها أمام المخططات التقسيمية والتفتيتية مما يعطي سوريا قوة في جناحها الوطني والقومي، لكن هذا الجناح الذي يجب حمايته ودعمه وتقويته يقابله جناح آخر وهو الجناح الداخلي، مما يدفعني للقول إن الطائر السوري الآن يملك جناحاً وطنياً وقومياً قوياً وصامداً، بينما الجناح الآخر وهو الداخلي يعتريه الضعف والهوان وهذا بحد ذاته خطر جسيم ومخيف على جسم هذا الطائر السوري يمكن أن يعرضه للسقوط في أيد لحظة. اليوم ومن أجل ألا يسقط الطائر السوري لابد من علاج جناحه الداخلي بالإصلاح الفوري والذي هو حق لكل مواطن سوري، وهذا ما أكده الرئيس السوري بشار الأسد نفسه واعترف به، بل إن الرئيس الأسد كان شفافاً وواضحاً عندما خاطب الوزارة السورية الجديدة وأشار إلى سوء الجناح الداخلي لهذا الطائر ولابد من سرعة علاجه، وهذا العلاج الذي نأمل أن نراه سريعاً وبسرعة وبدون تسرع كما أشار الأسد لابد أن يوازي في قوته جناح الطائر السوري الآخر وهو جناح المقاومة والممانعة والصمود والتصدي وإلا فإن هذا الطائر السوري سيسقط عاجلاً أم آجلاً لهذا نقول على الإخوة في القيادة السورية أن يبادروا فوراً إلى علاج الوضع الداخلي السوري بما يحقق مصالح الشعب السوري في الأمن والاستقرار والحياة الديمقراطية التي يتعطش إليها ويبحث عنها وهذا يتطلب من الأشقاء في سوريا ألا يتسرعوا في أحكامهم وألا يؤثر فيهم غبار العاصفة التي تمر بها سوريا من رؤية الحقائق كما هي وتشخيص العلاج اللازم والفوري لها لا أن نسمع من بعضهم بعض الآراء التي لا تفرق بين العدو والصديق، وبين الوطني والعميل وبين الصادق والكاذب وبين المنافق والصريح وبين الناصح لهم والمخادع. لهذا كله نأمل من القيادة السورية أن تبادر فوراً إلى علاج جناح طائرها الداخلي ليكون قوياً كجناحها الوطني والقومي، حرصاً منا على استمرار تحليق هذا الطائر السوري في سماء العروبة والقومية العربية للوصول إلى الأهداف المنشودة لأمتنا العربية.