13 سبتمبر 2025

تسجيل

عباس – دحلان وقبل ذات المندم

20 مارس 2014

أن تكون اتهامات عباس لدحلان في مؤتمر المجلس الثوري الرسمي لفتح فذلك دليل على أن عباس أراد أن يحرق دحلان وأن ينهي السباق معه إلى الأبد داخل حركة فتح.. وأن يأمر عباس الفضائية الرسمية للسلطة ولفتح ببث هذا كل ما قاله بكل فضائحه وإشاراته، فذلك رسالة مفادها أن دحلان لم يعد لدى منظمته التي أنبتته واحتضنته أكثر من عضو فاسد مبتور وخائن عميل مأجور ودموي قاتل موزور.. فلا تتقبلوه ولا تنظروا إليه إلا كذلك.وأن يرد دحلان على عباس بأقذع الألفاظ وأبشع النقائص، وأن ينحدر إلى الجانب الشخصي والعائلي وإلى كل هذا الانحطاط من السب والشتم متجاهلا ومتساهلا بما يجسده عباس - شاء دحلان أم أبى - الرئيس الحركي لفتح التي فيها تربى، والرئيس الرمزي للدولة التي لتدشينها يقول إنه يسعى، والرئيس الفعلي للسلطة التي في زعمه تعتبر أكبر إنجاز حققه الشعب الفلسطيني لحين إنشائها.. كل ذلك يعني أن المعركة من وجهة نظر دحلان – ومن يدزونه بالشر – صارت أكبر من فتح وأكبر من السلطة وأكبر من الدولة، وأكبر من الشعب الفلسطيني. وأن تكون الجهات التي تدز دحلان وتقدم له أموالها ورعايتها، هي التي تصنع الانقلاب في مصر الذي ما جاء إلا لتصفية القضية الفلسطينية، وعندما تصل رسائل هذا الكذاب القاتل والالتوائي المشبوه من خلال فضائية وأعلامي مشبوهَيْن فلوليين انقلابيين، فإن هذا يعني أن عباس صار في مرمى مؤامرة يصوغها ذات المتصهينين الذين قتلوا عرفات – رحمه الله – ويصنعون اليوم للمنطقة سيناريو جديدا يقوم على تأمين الاحتلال، وإرهاب الإسلاميين، وعلى تصفية القضية الفلسطينية. وأن يكون توقيت كل هذه المعركة قبيل سفر عباس لواشنطن التي سيتعرض فيها للضغوط، وستطلب منه فيها التنازلات التي يصفها الأمريكان والصهاينة بالمريرة والإستراتيجية ؛ فإن ذلك يعني أن الرجل صار بين خيارين أو اضطراريتين ؛ إما أن يقدم تلك التنازلات التي لا يستطيعها ولم يستطعها من هو أقوى منه – عرفات – أو يلقى مصيره ويضطجع طجعته على يد ذات القاتل.. السؤال هنا: إذا كان عباس أحد صناع الحالة الفلسطينية الحالية، وأحد أقرب من كانوا حول عرفات في محنته، ورأى بعيني رأسه حصاره وتصفيته سياسيا ثم جسديا ؛ فلماذا ينتظر أن يفعلوا به ما فعلوا بالراحل وهو أدرى به؟ ولماذا لا يتصرف حتى الآن على الأقل بحنكة ال79 سنة التي عاش فيها السراء والضراء؟ ولماذا لا يتبع حرقه لدحلان حرق كل الأوراق الأخرى التي يمكن للعدو أن يلج إليه منها ؛ أشخاصا رخوين ومخترقين وأدوات للعدو كانوا أو أوراقا وصفحات وسياسات وممارسات وتشكيلات وطيئة هو يعرف أنها الحاضنة للخيانات والممررة للمؤامرات التي يمكن أن يناور بها عليه العدو؟ وإذا صار يقينا لدى عباس أن أعداءه إن أمهلوه أياما أو شهورا على خدمة يقدمها أو مفاوضات يمددها فلا بد أن يعيدوا ذات دائرة السوء عليه من جديد، وإذا صار يقينا لديه أن أعداء حماس وأعداء المقاومة وأعداء شعبه صاروا اليوم أعداءه الذين يمصمصون شفاههم انتظارا لقطرات دمه ؛ فلماذا لا يرتقي المعالي؟ ولماذا لا يذهب غذ يذهب لأمريكا بجبهة وطنية متصالحة وبرنامج وطني ورؤية متوافق ولو على الحد الأدنى منها؟ ولماذا لا تسبقه إلى واشنطن رسالة الاعتصام بالقوة الوطنية الحقيقية التي لها واقع على الأرض؟ على عباس وهو يخوض حربه التي قد تكون الأخيرة مع الاحتلال وأذياله ودحلان وزمرته أن يخرج سريعا من خوف أن تؤدي المصالحة الوطنية لمزيد من استهدافه، وأن لا ينتظر استحياء الاحتلال لدحلان الحالي أو لإحياء دحلان غيره.. وعليه أن لا يراهن على تأجيل المواجهة التي لا تخطئ العين بداياتها كما لا يخطئ الفهم نهاياتها، وأن يفهم أنها تبدأ متدرجة ثم تتدحرج وتتزايد وما تلبث أن تجد لها ساقا وسياقا يؤيدونها ويوقدون أوارها من الذين يأكلون اليوم على مائدته ويرضعون لبان منظمته.. وعليه أن يشحذ كل ذاكرته، وأن يستفز كل كيده ومكره، وأن يعجم كل سهامه عودا عودا فالمنازلة جدية وحقيقية، وإمكاناته فيها لا تزال حتى الآن إستراتيجية.. آخر أقول: لقد بات واضحا وأكيدا أن (إسرائيل) وعملاءها في المنطقة وفي هذه المرحلة الحاسمة من المفاوضات والتصفيات السياسية لم يعودوا يكتفون بما ظل يقدمه لهم عباس حتى الآن، وأن ذلك لم يعد كافيا لضمان سلامته واستمرار تسيده، وأن عليه أن يوظف ما بيده من أوراق القوة ليسبقهم بالخطوة التي فاتت عرفات - رحمه الله - والتي لا تحفظ سلامته فقط بل والثوابت الكبرى التي يريدونه أن يقدم فيها تنازلات (مريرة) لم يستطع تقديمها قبله عرفات.. فهل يلتقط الفرصة قبل ذات المندم..