11 سبتمبر 2025

تسجيل

كيف يجب أن يكون الاتحاد المغاربي في ذكراه الـ 26 ؟

20 فبراير 2015

أحيت الشعوب المغاربية يوم الثلاثاء 17 فبراير الجاري الذكرى الـ26 لتأسيس اتحاد دول المغرب العربي 17 فبراير عام 1989، بوصفه مشروع بناء إقليميا قديما متجذرا في ضمير شعوب المنطقة. ورغم أن الاتحاد المغاربي لم يحقق أيا من أهدافه، فإن الأحزاب الوطنية والديمقراطية، والنقابات العمالية، ومكونات المجتمع المدني الحديث، في بلدان المغرب العربي، تؤكد على ضرورة أن تفتح التطورات التي تعيشها المنطقة المغاربية منذ أربع سنوات الآفاق الواسعة لإنجاز مشروع الاندماج المغاربي الذي لا يمكن أن يُصْبِحَ تاريخياً وقابلاً للحياة خارج سياق مشروع الانتقال الديمقراطي لشعوب المغرب العربي، من أجل تحقيق الحرية، والكرامة، والعدالة الاجتماعية، الأمر الذي يتطلب توافر العوامل التالية: 1-إن مشروع إعادة بناء الاتحاد المغاربي يحتاج بالضرورة إلى مشروع سياسي وثقافي ملازم له، وأكثر من أي وقت مضى، يبدو المدخل الضروري لإعادة هذا البناء هو تنمية الوعي الديمقراطي لدى الشعوب المغاربية، وضرورة المضي قدما في تنقية الأجواء السياسية المغاربية، وتغليب عوامل التكامل والوحدة والديمقراطية، على عوامل التجزئة والتأخر الإيديولوجي السياسي والاستبداد. والفكر المغاربي مطالب اليوم، وفي ظل التغيرات التي تعصف في العالم بمعرفة الواقع بأبعاده الثلاثة: الزمانية (التاريخية) والمكانية (العالمية) والمنطقية (العقلانية) دون رغبات أو مشاعر وهو مطالب قبل كل شيء بناء هذا كله وغيره على مبدأ الإنسان ومفهوم التاريخ وفكرة التقدم.2- إعادة إنتاج الحياة النقابية والسياسة في صلب المجتمعات المدنية المغاربية بوصفها فاعليتها الخاصة المميزة، وبوصفها حقل العام الذي تتخذ فيه التعارضات الاجتماعية طابعاً عاماً، وتحل بالطرق السلمية التوافقية المحكومة بنسبة القوى الاجتماعية. فالسياسة هي الحقل الذي يتخذ فيه التنافس بين الأفراد والتعارض بين الاتجاهات الإيديولوجية والأحزاب السياسية طابعاً مدنياً وحضارياً سلمياً، بعد أن تكون هذه التناقضات والتعارضات والصراعات قد اتخذت صفة ثقافية وإيديولوجية، وألا تنحط السياسة إلى حرب ويفقد المجتمع لغة التفاهم والحوار وشروط التوافق والإجماع على الصالح العام، والمصلحة الوطنية/المغاربية.3- إعادة بناء الدولة الوطنية في منطقة المغرب العربي على أسس ديمقراطية بوصفها تعبيراً حقوقياً وسياسياً عن هوية المجتمعات المغاربية. ولا يتحقق ذلك إلا بسيادة القانون، وفصل السلطات، واستقلال مؤسسات المجتمع المدني على قاعدة حرية الفرد وحقوق الإنسان والمواطن. 4-والحال هذه لا يمكن إعادة بناء مشروع الاتحاد المغاربي إلا عبر العمل بصورة جدية لتنشيط مؤسسات وهيئات اتحاد دول المغرب العربي، وتفعيل اللجان المشتركة، وتحيين الاتفاقيات المغاربية وتطبيقها، والسعي إلى توحيد سياسات الأقطار المغاربية سواء المتعلقة بالدبلوماسية المغاربية أو بمقتضيات التكامل الاقتصادي والبناء الداخلي. وهذا العمل يقتضي مشاركة النقابات العمالية، ومكونات المجتمع المدني في البلدان المغاربية، في عمل سياسي ديمقراطي يمارسه المجتمع في مؤسساته المستقلة بعيد عن هيمنة السلطات الحاكمة. ذلك أن مشروع بناء الاتحاد المغاربي من هذه الزاوية هو مشروع بناء ديمقراطي بمعنى كونه مشروع المجتمعات المغاربية التي يشعر فيها كل مواطن مغاربي بأن الاتحاد المغاربي يجسد صورته السياسية وملاذه وضامن حقوقه وحريته. والاتحاد المغاربي هو جنين لوحدة عدة دول عربية في المستقبل، أي أنه يقبل الاندماج في مشروع وحدوي، بغض النظر عن الشكل السياسي لهذه الوحدة، سواء اندماجية في دولة واحدة مركزية أو فيدرالية، أو تكامل اقتصادي الخ.5-إن النجاح في تحقيق الاندماج في المشروع المغاربي يعني واقعياً حرية انتقال عوامل الإنتاج من دولة إلى أخرى، أو بين الدول المغاربية الأخرى، ونشوء نوع من تقسيم عمل مغاربي تحدده الشروط الموضوعية والمصالح الحقيقية لشعوب المنطقة، وحرية الاستثمار في كل البلدان المغاربية من قبل رجال الأعمال والشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وحرية تنقل السلع والأفراد، وتقوية التجارة البينية داخل الإقليم المغاربي الذي يضم البلدان الخمسة المشكلة له. وهذا يؤدي موضوعياً إلى نشوء سوق مغاربية موحدة قادرة على إقامة علاقات ندية أو متوازنة مع التكتلات الاقتصادية الأوروبية ومع السوق العالمية بوجه عام. إذاً فالمطلوب هو تعزيز الشراكات الاقتصادية بين البلدان المغاربية، والعمل على بناء تكتل اقتصادي إقليمي موحد قادر أن يدخل حلبة المنافسة الدولية أمام التكتلات الاقتصادية العملاقة.6-استنهاض الحركات النقابية والشعبية داخل كل بلدان المغرب العربي، ولهذه الحركات نزوع أصيل إلى التحرر والتقدم تجلى دائماً في نزوعها الوحدوي الديمقراطي من أجل بناء الاتحاد المغاربي. فالحركات النقابية والشعبية هي التي تنتج السياسة وتصنع الأحزاب، أما الأحزاب فلا تستطيع صناعة حركات نقابية وشعبية.7-وترى النقابات العمالية المغاربية، والأحزاب الوطنية والديمقراطية في بلدان المغرب العربي، أن الانتفاضات المغاربية التي شكلت منارة حقيقية لما بات يعرف بـ«الربيع العربي » لم تقم بتغيير الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية في البلدان المغاربية، وإطلاق أنموذج جديد من التنمية يقطع مع نهج التبعية، ويكَّسِرُ الأنماط الاقتصادية السائدة،لاسيَّما تلك القائمة على أساس التحرير الاقتصادي، والخوصصة الرأسمالية، والاندماج في نظام العولمة الليبرالية الجديدة، الذي خدم بدرجة رئيسة الفئات الرأسمالية الطفيلية غير المنتجة.