13 سبتمبر 2025

تسجيل

القذافي والمرايا المقعرة

20 فبراير 2011

إلى متى يظل العقيد القذافي سادراً في غيه يقمع التظاهرات والاحتجاجات الشعبية المطالبة بتنحيه عن السلطة؟ أو لم يحن الوقت لكي يتنحى عن السلطة طوعاً بدلاً من أن تجبره الجماهير الهادرة على الهروب من البلاد. أو ليست المشاهد الفريدة للشعب الليبي وهو يحطم مجسم الكتاب الأخضر، ويضرم النيران في صور العقيد القذافي في بنغازي وأكثر من عشر مدن ليبية أخرى كافية لأن يسلم السلطة للشعب الحقيقي، وليس للجانه الشعبية التي أوجدها وسلحها ومنحها فرص إذلال الشعب؟ الاشمئزاز الشعبي الليبي الذي تبدى خلال الثلاثة أيام الماضية لن يتوقف، وأن الهبة الشعبية سوف تزداد حجماً وزخماً.. رغماً عن محاولات القمع والكبت، وإيقاف شبكة الإنترنت.. والخروج بتظاهرات مناوءة للاحتجاجات الشعبية. لقد تربع العقيد القذافي في عرش السلطة أكثر من أربعة عقود، جادت قرائحه بالكتاب الأخضر بمثابة دستور يمثل بديلاً للنظامين الشيوعي والرأسمالي، وابتداع فكرة اللجان الشعبية الثورية باعتبارها بديلاً للنظام الديمقراطي. الرئيس الليبي، الذي يحلو له بأن يلقب بملك الملوك اتسمت سياساته بالتناقض، فعلى الصعيد الخارجي تقلب مثل الحرباء.. فطوراً دعا ويدعو للوحدة العربية وفي أطوار أخرى دعا إلى الوحدة الإفريقية وأجبر القادة الأفارقة إلى تغيير مسمى "منظمة الوحدة الإفريقية" إلى "الاتحاد الإفريقي" وسعى إلى دعم حركات التحرر في معظم دول العالم بمواطنيه في الداخل، حجب حريات النشر والتعبير، وزج بمواطنيه في السجون المقفرة، وأضحت البلاد بلا قانون، ولا دستور، ولا فصل للسلطات، وأن جميع السلطات منحت للجان الثورية ويا لها من لجان. ولا ينسى الليبيون أحداث سجن "بو سليم" عام 1996 الذي أقدمت فيه قوات وشرطة العقيد بإبادة 1200 سجين عن طريق الرشاشات والقنابل اليدوية. ولا ينسى العالم أحداث طائرة لوكربي عام 1988 التي أدت إلى مقتل 259 شخصاً، والتي أدان القضاء فيها النظام الليبي بالتداعيات المعروفة بما فيها فرض الحظر على ليبيا لأكثر من سبع سنوات، وبلغت خسائر ليبيا فيها إلى أكثر من 24 مليار دولار. كما لا ينسى السوادنيون حادثة أم درمان التي اجتاحت فيها حركة العدل والمساواة الدارفورية المسلحة أم درمان والعاصمة السودانية وقتلت العشرات، وروعت الأهلين.. ورغماً عن ذلك فإن رد الحكومة السودانية على اهتمام العقيد القذافي تهديد الاجتياح كان على حياء. الثورة العربية التي انبجست من ضمير الشباب العربي هي ثورة وهبة وانتفاضة ضد الظلم الاجتماعي والكبت والقهر.. والتوق إلى التداول السلمي للسلطة وإطلاق الحريات. لقد آن للعقيد القذافي أن يحطم مرآة الجنون المقعرة التي يرى فيها شعبه مجموعة من الأقزام وفاقدي البصيرة.. ولن تجديه نفعاً فلول المرتزقة التي قتلت حتى الآن ما يزيد على الثمانين مواطناً. ثورة الشباب الليبي لاقتلاع العقيد المعمر في الحكم لن تتوقف إلا إذا توقفت ماكينة القذافي التي فقدت الصلاحية.