14 سبتمبر 2025
تسجيلالبحرين البلد الصغير الجميل الذي تلتحم فيه الفئات والطوائف وتفد إليه الجنسيات المختلفة من كل أصقاع الأرض للعمل والتنزه , فهو بلد الحرية والممارسات التجارية المنوعة ويعد حقيقة نكهة الخليج بل وتاريخه القديم عندما تسمت كل المنطقة بالبحرين , وحيث تؤلمنا حقيقة تلك التجاذبات المسيسة في الشارع البحريني الذي أغرت بعضه لحون الغير التي ألبست الطائفية رداء السياسة دون مهارة أو حرفية متقنة للمهمة أو حتى توقيتها فكان فجر الخميس الماضي فاصلا بين مرحلتين في تاريخ البحرين الحديث كشف عن توجهات البعض وفرض أجندة وطنية جديدة للمستقبل , فاللعبة السياسية التي تخوضها حركات البحرين السياسية ورجالها والتي أوصلت حركة الوفاق إلى حيازة غالبية مقاعد البرلمان البحريني في الانتخابات الأخيرة لم تقنع بمضمونها وتاريخيتها لاعبو السياسة من الحركة أو من حولهم بل أرادوا القفز على مسيرة الإصلاح وافتعال الأزمات فرضا لأجندة غريبة بدت تتجلى حقيقتها فجر الخميس الماضي الذي أفقد الثقة في رموز حركة المعارضة لعدم قدرتهم على ضبط مهمتهم السياسية ضمن المنظور الوطني وانتهجوا استيراد الأزمات من الخارج ثم انتظار الحلول وفق مزاجية الآخرين وإملاءتهم الخارجية أيضا وكل ذلك تحت رداء الطائفية أو قل التشبث بها لأن التصنيف الطائفي مرفوض غالبا عند العامة من أبناء دول الخليج فهم يعتبرون أنفسهم مجتمع واحد تتحتم بينهم أصر التلاقي كما يتحتم بينهم أيضا الإقرار بالاختلاف واحترامه كإرث تاريخي قديم هضم الناس فيه عبر مئات السنين حقيقة الاختلاف ورسموا فوق ظروفه أجمل صور التلاقي بالتعاون والتواصل والتآزر في شتى مناحي الحياة وظروفها وحتى المصاهرة والتزاوج بين الأسر أحيانا , حتى غدى لبعض الحواضر السكانية ميزة الصعوبة في تحديد الهوية المذهبية لهذا من ذاك , وهذا ما يستشعره كل زائر للبحرين وبكثافة ربما عن غيرها في مدن دول الخليج وهو أيضا ما ترعاه الحكومة البحرينية مبكرا عبر تاريخ عهودها إما بالتفعيل الاجتماعي والأعراف السائدة أو بالترسيم والتطبيق كما في عهد جلالة ملك البحرين الآن الشيخ حمد بن عيسى الخليفة الذي أسس في البلاد توجهات دستورية مميزة تنقل البلاد إلى المستقبل بكل أمان عبر سلسلة من الإصلاحات والتحولات التي راعت الجانب التعددي في المشهد البحريني عامة فكفلت حرية التعبير وكفلت حرية المشاركة السياسية وهو ما أتى بالوفاق كجمعية عرف عنها التشدد والتطرف الطائفي إلى سدة الأكثرية في البرلمان لتمارس دورها السياسي وفق المنظور الوطني إلا أن استقراء رموزها لواقع الأحداث العربية دون فهم سياسي عميق أو استنباطات واقعية لجدلية المكون التاريخي لديموغرافية المنطقة وعاطفيتها جعل الوفاق في مطب سياسي محرج الآن فلم تكن تجمعات دوار اللؤلؤ شبابية كما في ميدان التحرير في القاهرة ولم تكن عفوية وطنية كما في تونس بل كانت مسيسة من حركة الوفاق وأجنحتها تحت غطاء مطالب عامة وحشد أبناء الطائفة ونسائها في الميدان لمجرد الامتعاض ثم توسعة سقف المطالب تبعا لما يتأتى من القدرة على التأزيم فكان أول شهيد مدفوع للمهمة حسب أقوال زوجته التي أخبرها بنيته نيل الشهادة اليوم لتكتب الوفاق بدم الشهيد سطور جديدة ما كانت لتكتب قبل سقوطه , أيضا حسب على الوفاق العمل على شد الأنظار العالمية إعلاميا وصرف اهتمامها عن مظاهرات الاحتجاج الشعبية التي تجتاح الشارع الإيراني الآن وبقوة وهو توجه خطير إن صح عن الوفاق أو غيرها فهذا التحشيد وسط دوار اللؤلؤ دفع إليه قلة من الممتعضين على فرص العمل والإسكان وهي هموم يجتمع عليها كل طوائف البحرين إنما أن توظف المهمة لمزاجية خارجية وتدس بين المعتصمين الخناجر والسيوف والبنادق ويشحنون أكثر بـ الهم الطائفي وتاريخه فهذا ما لا يقبله أي كان من عقلاء البحرين وهو جنوح باللعبة السياسية وتوريط للبلد في أزمات مضرة لمستقبلها واقتصادياتها ونكوص عن عهود والتزامات وطنية تقر بها حركة الوفاق ومن يؤيدها عندما صوت الجميع على الدستور البحريني قبل 10 أعوام وهو الآخذ الآن في النمو والتطور تبعا لحاجة البلاد ومسيرها السياسي واستكمالا للنهج الدستوري وهو ما أكده جلالة ملك البحرين في خطابه الأسبوع الماضي تفاعلا مع الأزمة بأن الإصلاح مستمر ومتطور , وكان حديث جلالته واضحا للجميع , بقى أن يعرف الأخوة في البحرين أن لمجتمعاتنا الخليجية المحلية ظروفها وخصوصيتها في علاقاتها كطوائف مختلفة وكذلك في العلاقة بين القيادات والشعوب وهي خصوصيات عميقة و متجذرة لا يمكن المراهنة عليها أو شطبها من سلوكنا الاجتماعي أو الاستهانة بالقفز عليها من الغير أو حتى خلخلتها ولعل ما لمسه وتلقاه معتصمو ميدان اللؤلؤ من اتصالات من أخوانهم البحرينيين وغيرهم ممن يختلفون معهم في الجنسية أو الطائفة وفكرة الاعتصام إلا إنهم يتفقون معهم في ضرورة سلامتهم وسلامة البحرين . [email protected]