16 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ مدة حضرت مؤتمرا صحفيا لرئيس الوزراء الكوري الجنوبي ومعه وزيرا الاقتصاد والاستثمار، وبالطبع فإن الأسئلة تنوعت بجوانبها السياسية والاقتصادية والاستثمارية، وما توقفت عنده ان رئيس الوزراء لم يكن يتردد في إحالة الأسئلة الموجهة إليه إذا ما كانت متعلقة بوزيري الاقتصاد والاستثمار اليهما، والتأكيد أن ذلك من اختصاصهما، ولايستطيع الاجابة عنها. هذا الموقف مشابه لما وجدته من الأستاذة الدكتورة شيخة بنت عبدالله المسند رئيس الجامعة عندما أجريت معها حوارا، فاقدمت على دعوة عدد ممن لهم علاقة بالقضايا التي ستدور خلال الحوار الذي تحول الى ندوة شاملة، فكانت تقوم بتحويل الاسئلة الى المشاركين بالندوة كل في اختصاصه، فأكبرت فيها هذا الموقف. هذه السلوكيات قلما نجدها في مسؤولين، فالاستحواذ على كل شيء سمة بارزة في العديد من المسؤولين، وهو ما ينتفي مع الحديث عن الصلاحيات التي يفترض منحها للقيادات التي تتولى مناصب أدنى، ففي كثير من الأحيان عندما تتجه لاجراء لقاء صحفي مع مدير أو مسؤول، أو تطلب تصريحا حول قضايا معينة، يرفض الاجابة لكون الامر مرتبطا بالوزير. ليس من الضروري ان يكون المسؤول الاول في الوزارة او المؤسسة هو المتحدث الوحيد والدائم فيها، ولايمكن للآخرين الادلاء بأي تصريح او اجراء اي لقاء الا بموافقة خطية، خاصة أن العديد من الجهات ذات طابع خدمي، مطلوب تواصلها مع الجمهور بصفة دائمة وبعيدا عن الروتين القاتل او الموافقات المسبقة للرد على تساؤلات الجمهور. منح الصلاحيات لفريق العمل هو الذي يخلق نجاحا للمؤسسة او الوزارة، على عكس ما قد يعتقد البعض ان في ذلك تخطيا على دور المسؤول الاول فيها، الثقة المتبادلة، وغرس الولاء والانتماء هو الذي يجب التركيز عليه في المؤسسات والوزارات، وهذا لايكون إلا من خلال منظومة ادارية متكاملة، تكون الحقوق والواجبات واضحة للعاملين في هذه الجهات. وللاسف ان الغالبية العظمى من الموظفين - او فلنقل شركاء الانجاز في العمل - لايعرفون شيئا عن دورهم او اختصاصاتهم، اللهم إلا تنفيذ ما يطلب اليهم من رؤسائهم، وفي هذا خطأ كبير، فلماذا لا تترك مساحات أكبر لاتخاذ القرار أمام المديرين فيما يتعلق بمهام عملهم؟ كم سيكون الامر كبيرا ومقدرا إذا ما استعان الوزير مثلا بمدير إدارة خلال مؤتمر صحفي أو لقاء صحفي، وأحال الى هذا المدير الأسئلة الخاصة بإدارته، فان في مثل هذه الخطوة تقديرا لهذا المسؤول، وفي نفس الوقت منحه ثقة أكبر، وولاء أكثر للمؤسسة، اضافة الى تقدير أكبر من قبل الحضور. نريد ان يكون القرار في مؤسساتنا جماعيا وليس أحاديا، صادرا من الرجل الأوحد، دون ان يكون هناك تفاعل بين المسؤول الأول فيها ومن هم دونه.