12 سبتمبر 2025

تسجيل

كلام أماني.. هل نحب أطفالنا

20 يناير 2024

الطفولة ليست مجرد مرحلة عمرية يعيشها الفرد، إنها المكون الأساسي الذي يشكل شخصية الفرد، ويجعله ما هو عليه، يشكل هويته، ويكون طباعه، ويحدد مزاجه، وهي مرحلة يكون فيها الفرد غير قادر على الاعتماد على نفسه بالكلية، هو بحاجة دائما لمن يمد له يد المساعدة، ويهيئ له البيئة المناسبة التي تعزز من فرصه في بناء قدرته على مواجهة تحديات الحياة عندما يكبر، ليس هذا فحسب، ولكنها – وهنا المفارقة - هي رهان المجتمع على الغد، فالأطفال هم مستقبل المجتمع، والذي من خلالهم يستمر المجتمع وتتزايد فرصه في الحفاظ على بقائه، وصون هويته وتراثه، وتحقيق طموحاته وتطلعاته. وبالطبع فإن الوحدة الرئيسية التي تساعده على تحقيق كل هذا على المستوى الفردي والجمعي هي الأسرة، إنها المؤسسة الاجتماعية الأولى- وإن لم تكن الوحيدة - المنوط بها تنشئة الأطفال وفقا لرؤى وأهداف المجتمع التي تم ضمنيا الاتفاق عليها، استنادا من المجتمع على فطرة الإنسان التي جبل عليها منذ القدم، وهي هذه الرغبة في أن يكون الشخص أبا أو أما، جدا أو جدة، عما أو خالا...ألخ، فتنشأ الروابط الأسرية التي تجعل من العائلة جزءا من هويتنا الشخصية، ومناطا لفخرنا وعزتنا، نتطلع دائما لأن يصبح أبناؤنا هم الأفضل، وأن نحقق معهم ما لم نستطع أن نحققه لأنفسنا، وهو الأمر الذي يجعل من الأسرة الحاضنة الصحية لتنشئة الأجيال، والتي يعهد لها المجتمع بتربيتهم، وهو على ثقة بأنها المؤسسة الأساسية التي يمكنها تحقيق هذا الحلم الجمعي. نعم! نحب أبناءنا بقدر ما نحب أنفسنا، ويهمنا أمرهم بوصقهم التأكيد على خلودنا الاجتماعي -من خلالهم - مثلما أن المجتمع يهتم بهم لأنهم هم وحدهم القادرون على التأكيد على استمراريته، فأي مجتمع يرغب في النهوض والتقدم والخروج من دائرة مخاوف الوقوع في أفخاخ الفقر والتخلف لا يمكن له تحقيق ذلك إلا من خلال الاهتمام بالطفولة، والحرص على تنشئة الأطفال التنشئة المناسبة، وهو في هذا الصدد يضع الخطط، وينشئ المؤسسات، ويوفر الموارد والبرامج التي من شأنها أن تبني أطفالنا بناء قويا، يمكنهم من خلاله أن يصبحوا مع الوقت هؤلاء الأشخاص الذين يصنعون حاضر ومستقبل مجتمعهم، ويضعونه في المقدمة، وينهضون به. ولكن، ورغم هذا، يظل هناك دائما قدر من الاتفاق العام والإنساني على عدد من المبادئ الاساسية التي من شأنها أن تجعل من عملية نمو الأطفال عملية آمنة وصحية، ويمكنها أن تقدم مردودا يسمح له بأن يوسع من اختياراته الحياتية على المستوى الفردي، وأن يجعل منه عضوا فعالا وقادرا على المشاركة في بناء مجتمعه والنهوض به على المستوى الجمعي، وأن يصبح ابنا بارا ونافعا على المستوى الأسري، وهذا هو موضوع حديثنا الآن وفي المستقبل في هذا الركن الصغير الذي نأمل من خلاله أن نتشارك خبرات حياتية من شأنها أن تساعد على تنشئة أطفالنا الذين نحبهم.