13 سبتمبر 2025

تسجيل

كيف تحول معدل التضخم إلى - 0.29 % محلياً ؟

20 يناير 2019

ارتفاع في مجموعات التعليم والنقل والصحة من المتعارف عليه عند الاقتصاديين أن معدل التضخم يجب أن يتراوح ما بين 2 إلى 3% سنوياً، ويكون ذلك دلالة على أن وضع الاقتصاد في حالة جيدة من النمو الذي يوفر الظروف المناسبة لخلق وظائف جديدة. وهو في الوقت ذاته، إشارة إلى استقرار أسعار السلع والخدمات عند مستويات مقبوله وآمنة، للمنتج وللمستهلك على السواء. ونرى مثالاً لذلك في الولايات المتحدة التي استقر معدلها عند 2.4%. وعندما ترتفع المعدلات عن 3%، وتتجاوز ذلك بكثير، فإن ذلك يشير إلى تزايد المخاطر على ميزانية الأسرة، وعلى تكاليف الإنتاج عند رجال الأعمال، ويصبح الأمر أكثر خطورة إذا ما زادت المعدلات عن 10%. ونرى ذلك بوضوح في دول كالسودان حيث وصل المعدل إلى 68%، وفي كوريا الشمالية 55%، وفي إيران 35%، وفي مصر 17.5%. ومع ارتفاع معدل التضخم إلى هذه المستويات، فإن أسعار صرف عملات تلك الدول تتدهور بصورة مضطردة، وتزداد تكاليف المعيشة وضغوط الحياة على الأسر الفقيرة. أما إذا انخفضت المعدلات عن 2%، فإن ذلك يشير إلى تباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي، وهو ما نشهده في معظم الدول الأوروبية، التي ينخفض معدلها المتوسط إلى 1.6%، بينما ينخفض المعدل في اليابان إلى 0.9%. ومع انخفاض التضخم، وتباطؤ النمو، فإن معدلات البطالة ترتفع. وفي قطر ارتفع معدل التضخم بشدة في عام 2008 إلى ما نسبته 17% في وقت كان معدل النمو الاقتصادي الحقيقي –اي بالأسعار الثابته- يزيد في بعض السنوات عن 15% سنوياً، ويرتفع إلى ما بين 30-40% بالأسعار الجارية. وكانت تلك فترة استثنائية واكبت التوسع في بناء المشاريع وتطوير حقول الغاز، وتحديث البُنية التحتية. وقد تراجع المعدل بعدها تدريجيا، إلى أن استقر ضمن الحدود المقبولة اقتصادياً أي 2-3%. ثم واصل المعدل تراجعه في عامي 2017 و 2018 ليهبط دون 1% في بعض الشهور، ثم ليتحول إلى رقم سالب في الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 2018، حيث بلغ المعدل السنوي: -0.25% في أكتوبر، و -0.24% في نوفمبر، و -0.29% في ديسمبر. وقد جاء انخفاض معدل التضخم في ديسمبر كمحصلة لانخفاض مكونات خمس مجموعات، وارتفاع مكونات ست مجموعات، من المجموعات التي يتكون منها الرقم القياسي للأسعار. ولوحظ أن الرقم الفرعي لمجموعة الاتصالات قد انخفض في ديسمبر عن مثيله في ديسمبر 2017 بنسبة 11.31%، وانخفض رقم مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 5%، ورقم الأغذية والمشروبات بنسبة 3.73%، وانخفض رقم مجموعة السكن والكهرباء والوقود بنسبة 2.58%، ورقم مجموعة الترفيه والثقافة بنسبة 3.73%. وفي المقابل ارتفعت أرقام مجموعات التعليم، والنقل، والصحة، والأثاث والأجهزة المنزلية، والمطاعم والفنادق، ومجموعة السلع والخدمات الأخرى بنسب مختلفة. ولأن المجموعات الخمس التي انخفضت أرقامها لها أهمية نسبية أكبر في الأوزان المرجحة للرقم القياسي للأسعار، وتصل في مجموعها إلى 58.13%، مقابل 41.6% للمجموعات الست التي ارتفعت أرقامها، لذا انخفض الرقم القياسي للأسعار في شهر ديسمبر، مثلما انخفض في شهري نوفمبر وأكتوبر، وانخفضت بالتالي معدلات التضخم في نفس الشهور، باعتبار أن معدل التضخم هو التغير السنوي في الرقم القياسي لأسعار الاستهلاك. ومن المتوقع أن تستمر ظاهرة انخفاض معدل التضخم، باعتبار أن ذلك يأتي كمحصلة لعوامل كثيرة يلخصها عامل انخفاض الطلب على السلع والخدمات، في مواجهة المعروض. وقد توقعت لجنة السكان أن يتراجع عدد السكان، بعد استكمال انشاء معظم مشروعات البُنية التحتية، وهذا التراجع سيخفض الطلب على السلع والخدمات. وتشير أحدث البيانات الصادرة عن جهاز التخطيط والإحصاء إلى الكثير من المؤشرات التي سجلت نمواً سلبيا في شهر نوفمبر؛ ومنها إجمالي المواليد، والنقد المُصدر، وعرض النقد، وإجمالي المركبات الجديدة المسجلة، وإجمالي تراخيص السائقين، وإجمالي السفن القادمة. وقد لوحظ أن كهرماء خالفت الاتجاه النزولي للأسعار، ورفعت التسعيرة على المستهلكين بنسبة 20%، اعتبارا من شهر يناير الجاري، دون أن توضح أسباب ذلك، فهل يعمل الرفع على التقليل من تراجع معدل التضخم عندما تظهر نتائج الزيادة لاحقاً في أرقام الاستهلاك؟؟ الجدير بالذكر أن البنوك المركزية تقوم عادة بخفض معدلات الفائدة الرئيسية لتحفيز النمو، ورفع معدلات التضخم إلى المستويات المقبولة، ولكن هذا الحل لا ينفع مع مصرف قطر المركزي باعتبار أن سياسته النقدية مرتبطة بالسياسة النقدية لبنك الاحتياط الأمريكي، كنتيجة لربط سعر صرف الريال بالدولار.