14 سبتمبر 2025

تسجيل

كل شيء زاد عن حده

20 يناير 2014

يظن البعض حين تكرمه وتعطيه بسخاء، مادياً ومعنوياً، أن ذلك مرجعه إلى سذاجة وغباء، وأنك بذلك لقمة سائغة له، تسهل عملية بلعك في أي وقت هو يشاء!! فتراه يتحول إلى إنسان انتهازي، لا يتوانى عن استغلالك أبشع استغلال في أول فرصة يجدها أمامه، بل وقد يتمادى أكثر معك حين تصبر على ذلك وتتجاهل استغلاله الأول لك وتتواصل في كرمك وسخائك معه، فيظن أن هذا قمة السذاجة، على الرغم من أنك تدري كيفية تفكيره ونفسيته، ولكن ما يمنعك عن كشفه منذ البداية، هو أخلاقك الرفيعة الراقية. لكن أليس لمثل هذه العلاقات حدود؟ أقصد من سؤالي: ألا يجب وضع حد لهذا الاستغلال البشع أو لمثل هذه العلاقات غير الإنسانية، إن صح وجاز لنا التعبير؟ العامة في أمثالها الشعبية الحكيمة تقول (كل شيء إن زاد عن حده انقلب ضده) ولكل شيء حد معين، يجب ألا يتجاوزه.. والمسألة تبدو واضحة حين أقول لكل شيء حدود، لاسيما بعض المعاملات بين بعضنا البعض أو علاقاتنا الإنسانية؛ لأنها الأساس الذي تستند إليه بقية تعاملاتنا وتفاعلاتنا مع بعضنا البعض في الحياة اليومية. كم مرة حاول البعض استغلال طيبتك أو كرمك معه؟ من المؤكد أنك ستجد البعض، وتتذكرهم على الفور وتتأسف لما بدر منهم، والذين تسببوا في أن تتغير بعض الشيء، بحيث لم تعد ذاك الطيب أو الكريم مع الجميع، حتى لو كان هناك من يستحق كرمك وطيبتك.. ولكن لتجارب استغلالية سابقة صرت تخشى تكرار الاستغلال فتمانع بعض الشيء مع الذي يستحق أو لا يستحق، بل صرت أصعب من ذي قبل ، وهذا في حد ذاته مثلما يريحك ويبعدك عن الاستغلال، فهو يتعبك نفسياً في الوقت ذاته؛ لأنك في الأصل صاحب طينة وفطرة طيبة، ولكنها تأثرت بفعل الاستغلال والاستغلاليين من حولك. لهذا وكخلاصة للحديث، أرى أن الانفتاح في علاقاتنا مع الجميع يحتاج إلى بعض التوازن، وهذا في حد ذاته تحد من تحديات الحياة الكثيرة.. وأحسب أنك على قدر التحدي ، لأن المؤمن كيّسٌ فطن، يدرك الخير من الشر، والصالح من الطالح.