17 سبتمبر 2025
تسجيلاستوقفتني بعض الأحداث الجديدة في وطننا العربي ، التي كنا نسمع عنها من قبل في العالم المتقدم فقط، ونردد أحداثها بإعجاب وإشادة من عظم المسؤولية عند كبار القادة في تلك الدول. فحينما يقدم وزير أو مسؤول على الاعتذار أو حتى الإستقالة جراء أمر حدث ، أو مشكلة ما في إطار مسؤوليته المباشرة أو غير المباشرة، يتحول ذلك المسؤول إلى رمز يستحق التقدير لأنه ببساطة تحمل المسؤولية. ومن الأحداث المسؤولة في العالم إن سيرديوکوف وزير الدفاع الروسي قدم استقالته بسبب صلة القربى الوثيقة بينه ، وبين رئيس الوزراء الروسي فيکتور زوبکوف ، حيث إن الوزير صهر رئيس الوزراء. كما تقدم السيد ديفيد بترايوس مدير وكالة المخابرات الأمريكية بإستقالته من منصبه بسبب علاقة خارج الزواج لأن هذه الوظيفة تتطلب "استقامة شخصية. كما أعلن رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان عن استقالته بعد انتقاد شديد ، تم توجيهه لحكومته بسبب أدائها في مواجهة الزلزال، وموجات المد العاتية (تسونامي) التي تعرضت لهما اليابان ، وتسببا بمقتل نحو 15 ألف شخص، حيث يرى الكثير من اليابانيين أن استجابة الحكومة لما نجم عن الزلزال وتسونامي من أضرار بمحطة فوكوشيما النووية كانت بطيئة وغير ملائمة. ويبدو أن الأمر قد وصل إلى دول الثورات العربية لتعلن عن منهجية جديدة في الأداء المهني للوزير المسؤول. فقد أعلن وزير النقل المصري السابق محمد رشاد المتيني تقديم استقالته بعد قبوله استقالة رئيس هيئة السكة الحديد وتحويله للتحقيق بعد حادث تصادم القطارات . ونقل حينها التلفزيون المصري عن المتيني قوله إنه تضامنا مع مسئوليته السياسية كوزير للنقل أعلن تقديم استقالته لرئيس الجمهورية. وفي الحقيقة ، إن المتفحص لأداء حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى ، وسمو ولي عهده الأمين ، يجد أن البون شاسع بين تطلعات وجهود وأداء القيادة الرشيدة وأداء بعض الوزراء بالرغم من إخلاصهم وجهدهم. فقد سمعت يوما مقولة من أحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية يصف فيها الحال قائلا " إن هناك فجوة كبيرة بين أداء معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري وبين الجهاز التنفيذي في الوزارة. فرئيس الوزراء نشاطه واضح وصاحب بصمة في الأداء الدبلوماسي والسياسي وكذلك الإقتصادي، في حين أن أداء الوزارة أبطأ بكثير من أداء معاليه". بل إنني استمعت مرارا من قبل الكثيرين من المتابعين للمشهد القطري، والمشيدين به قولهم " أميركم تطلعاته كبيرة، وجهوده مفصلية، وتأثيرات تلك الجهود الإيجابية لم تقتصر على الداخل القطري بل تجاوزت الحدود ، حتى أصبحت قطر بفضل الله، ثم بفضل قيادتها الرشيدة رقما صعبا في الأحداث الإقليمية والعالمية". واستذكر هنا قصة ، حينما تمت دعوتي منذ أيام من قبل مديرة موارد بشرية في إحدى الأجهزة الرسمية الهامة في قطر، وتقول لي الأخت المديرة" أجد صعوبة في وضع برامج تدريبية يقبل أن يشارك فيها كبار المسؤولين في ذلك الجهاز الرسمي، لأنهم يعتقدون أنه بمجرد وصولهم لمنصب قيادي ، قد حققوا المطلوب منهم لتقديم أداء متميز وقادرين على الإفتاء في كل أمر أو موقف يتطلب فيه الإفتاء".. وعليه ، أجد شخصيا من المنطقي أن حضور الوزير أو من في حكمه، وكذلك جميع الموظفين في أي جهاز، سواء يشغل ذلك الموظف منصبا قياديا أو وظائف دنيا برامج تدريبية تساعده على سد الفجوة بين متطلبات أداء الوظيفة وبين مؤهلاته الأكاديمية وخبراته الميدانية أمر في غاية الأهمية، وخاصة في هذا العصر الذي تشعبت فيه العلوم ، وتعددت .وكم سعدت وأنا أسمع من الدكتور طارق رمضان مدير مركز التشريع الإسلامي والأخلاق بكلية الدراسات الإسلامية بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، بأن صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر تحرص على حضور محاضرات أكاديمية ومهنية في الكلية بإنتظام بالرغم من مشاغلها المتعددة ، لترسم لنا صورة رائدة للقيادية المسؤولة. إنني واثق أن متطلبات المشهد السياسي والإقتصادي في وطننا العربي والإسلامي تستلزم أن نجد في كل وزارة وزيرا مسؤولا، يتقي الله أولا، ثم يمتلك ناصية العلم والمعرفة ، والمسؤولية المهنية.