29 سبتمبر 2025

تسجيل

تنوع نظرة الإنسان الفريدة وقود التنمية ( 2 - 2 )

19 ديسمبر 2012

شتان بين أن تسعى للحقيقة أو أن تملكها، والتمني والسعي للحقيقة هي حالة ذهنية مثالية مطلوبة ولكنها تظل كذلك أي تصور من ملايين التصورات عن الحقيقة وليست بديل عنها، وقبول الاختلاف في الرأي والتواصل من أجل إيجاد أرضية تفاهم تأخذ مختلف وجهات النظر في نسج البيئة الاجتماعية والمنظومة الحقوقية هو حقيقة، وواجبات الفرد من وأخذ وجهات نظر الأكثرية في بناء المجتمع دائما ما كان من السهل على البعض مهاجمة أي فكرة، حيث يدلل على مدى الفارق بين النظري والعملي وذلك كدليل على عدم صلاحية بعض النظم أو المعتقدات، وتلك لعمري خطيئة، فكما قلنا أن الحياة هي على درجات من الحقيقة ففي كل الأديان والمعتقدات من السهل على من أراد أن يظهر أن الإسلام دين عنف أن يدلل بالقاعدة ولكن من أراد أن يكون محقا لابد أن يدرك أن القاعدة ليست ممثل عن الإسلام ولا عن المسلمين وإن كانوا في بعض ما قامت به أو ما نادت به قد وجدوا بعض الحقيقة فإنهم وفي حالات كثيرة ومواقف كثيرة لم يؤيدوا ما قامت به أو ما تقوم به، وقد أتى الوقت الذي ستواجه القاعدة أنظمة إسلامية أو أنظمة أقرب لها من أي نظام إسلامي الإخوان المسلمين، ومن المتوقع أن تكون هناك صولات وجولات بين القاعدة والإخوان المسلمين وستحارب القاعدة النظام حتى لو كان نظام إسلامي يقوده الإخوان المسلمين، كما نرى في سيناء، وكما نرى من طرف السلفيين في تونس وهم يؤرقون النظم الإسلامية، وقد تقود القاعدة والسلفيون النظم الإسلامية للتراجع وقد يجد الناخب أن تلك النظم لم تعد قادرة على قيادة المجتمعات بشكل هي ترضى عنه، وفي ظل هذا قد تفقد تلك النظم ثقة الناخب وتخسر في الجولات القادمة، احتكار الحقيقة هو ما أوصل بلدان الوطن العربي لما وصلت له في العقود الأخيرة، فالقذافي يملك الحقيقة والشاهد على ذلك هو كتابه الأخضر، والإخوان المسلمون يعتقدون أنهم يملكون الحقيقة والسلفيون كذلك والليبراليون والقوميون وغيرهم، ولكن الحقيقة يجب أن تبقى هي العامل المشترك وهي الأرضية التي يقف عليها الجميع ولا أحد يملكها ولا أحد خارجها، نعم هي ملك للجميع وهي جسور التواصل ومن يدعي أنه ملك الحقيقة هو خطر على المجتمع والأمة يملك ما يعي وما يدرك ولكنه غير قادر على إدراك ما لا يعلم أو يعي أو يحس، ففي الوقت نفسه الذي يدعي المعرفة هو لا يعلم ما يدور على بعد أميال من مكانه، والاقتصاد والوضع المالي محكومين بما يعج به عقول المسؤولين. ومستوى المعيشة في أي بلد مرهون بأفكار المتواجدين في وعلى رأسهم المسؤولين وأصحاب القرار، نعم فنحن البشر محكومون بالوقت وبالمكان ومحددون بما نملك من بالحواس، الكلاب تملك من الحواس مالا نملك وتسمع ما لا نسمع والخفافيش ترى ما لا نرى الإنسان محدود، وعلى ذلك لا بد أن يقبل بتلك المحدودية وعليها لا بد أن يقبل برأي الآخر فالآخر قادر على أن يرى ما لا يستطيع أن يرى وأن يسمع ما لا يستطيع أن يسمع فمن الأولى أن يحترم رأي الآخر ويدافع عن وجهة نظره، ولكن يظل قابل وقادر على تدارك مدى إمكاناته وقدراته فهي ليست مطلقه وتحتمل الخطأ، كفاءة آلية الاقتصاد تعتمد على قدرتها على فهم طبيعة الإنسان والتعامل مع رغباته وحاجاته، وقدرة الدولة والعالم على تحقيق الرخاء متوقف على مدى فهم الإنسان للإنسان، ومتى أنقطع ذلك التفاهم دخل الاقتصاد منعطف قد يؤدي به إلى الكساد وتراجع النمو، ولذلك فإن سوء الفهم المؤدي للحروب وتراجع معدلات التفاؤل حتما تؤدي إلى تراجع الاقتصاد وزيادة البطالة وانخفاض الإنتاج وإفلاس الشركات، وكلما كان الأمان والتفاؤل سيد الموقف كلما كانت الاستثمارات حاضرة والاقتصاد معافى، السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية تعمل لرفع مستوى التفاؤل لدى الجمهور مما يدفع عجلة النشاط الاقتصادي ويمكن السلطات النقدية والمصارف المركزية من التأثير على سلوك المستهلك من خلال أسعار السلع والتأثير على المستثمر من خلال أسعار الفائدة، أي أن الأدوات وآليات السوق تتحرك بتناغم وروح المستهلك والمستثمر.