29 سبتمبر 2025

تسجيل

حكمت .. فعدلت .. فأمنت .. فسرت يا حمد ..

19 ديسمبر 2012

كنت مستعداً لإرسال مقال اليوم لجريدة الشرق تحت عنوان "يارب.. احفظ مصر 3"، لكنني وجدت نفسي مضطراً لتأجيله ليوم الأحد القادم، لأن ما شهده وشاهده العالم بأسره، خاصة الشعب القطري الكريم والمقيمين على هذه الأرض الطيبة من صورة نادرة لقائد عربي وهو يسير بين أبناء شعبه ويصافح الصغير والكبير ويقبل الأطفال، جعلتني أتوقف طويلاً عند هذا المشهد التاريخي، الذي نادراً ما نشاهده لأي حاكم عربي ما عدا قائد الأمة العربية الراحل جمال عبدالناصر رحمه الله. أمام هذا المشهد لصورة القائد والشعب وكيف ترجم هذا القائد حبه لشعبه، وكيف ترجم هذا الشعب ولاءه لقائده، وجدت نفسي مضطراً للقول لقطر كما هو القول لمصر الشقيقة "يارب احفظ قطر.. وأميرها.. وشعبها". قرار سمو الأمير بأن يسير هذه المسافة الطويلة ويحيي شعبه ويصافحهم ويقبل أطفالهم، اسمح لنفسي بالقول إنه قرار اتخذه سموه بدون الترتيب مع الحراسة أو مع أجهزة الأمن وكان المشهد يعبر عن ذلك وهذا القرار يحمل دلالات عميقة ومهمة ومؤثرة ولعل من أبرز هذه الدلالات هو "العدل" الذي حققه سموه لشعبه لأن تحقيق العدالة الاجتماعية يجعل من الشعب يحافظ على قيادته ويحميها ويفديها بروحه ودمه. والدلالة الثانية هي "الأمن" الذي تشهده دولة قطر بفضل من الله، ثم بفضل تلك السياسة الحكيمة للقيادة القطرية التي تدرك أن الأمن والأمان لن يتحقق إلا بالقضاء على الفساد ورفع الظلم وتحقيق المساواة بين أفراد المجتمع وهذا ما حققته القيادة القطرية. والدلالة الثالثة هي "الحرية" ولعل كلمة القائد عبدالناصر المشهورة والتي تقول "إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية" ترجمها بالفعل سمو الأمير المفدى عندما أعطى الحرية للكلمة في وسائل الإعلام القطرية وأصبحنا نجد رأياً ورأياً آخر بعد أن كان ولا يزال الإعلام العربي يتكلم بلسان الحكام ويرى بعيونهم ويسمع بأذانهم. الدلالة الرابعة هي "الكرامة" هذه الكرامة المفقودة للمواطن العربي في أغلب الدول العربية والتي أشعل بها المواطن التونسي البوعزيزي ثورة تونس عندما اعتدى عليه رجال الأمن نجد هذه الكرامة هنا لكل مواطن قطري ولكل مقيم على أرض قطر فلم نسمع أو نشاهد من انتهك كرامة أي مواطن أو مقيم. الدلالة الخامسة هي "العزة والفخار" وهذه مرتبطة بالدور القومي العربي، فالمواطن القطري الذي يؤمن بدوره القومي العربي ويعتبر نفسه جزءاً من الأمة العربية لشعر بالعزة والفخار لأن قيادته ترجمت بالأفعال وليس بالأقوال انتماءها القومي العربي لأمتها العربية وهذه المواقف سجلها التاريخ بأحرف من نور لقيادة سمو الأمير المفدى في كسر حصار العدو الصهيوني على قطاع غزة وزيارته التاريخية لهذا القطاع والدعم القطري لبناء ما دمره العدوان، وكذلك مواقف سموه من دعم الجنوب اللبناني بعد العدوان الصهيوني عام 2006 وإعادة إعمار الجنوب ويكفي ما سجله التاريخ وسجلته مباني الجنوب على جدرانها "شكراً قطر".. يضاف إلى هذه المواقف القومية سلام دارفور بالسودان.. والكثير من المواقف القومية المشهودة. هذه الدلالات وهي غيض من فيض هي التي جعلت حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله ورعاه يسير "مكشوف الصدر" بين شعبه، بينما الآخرون تحميهم "الستر الواقية من الرصاص" ويسير بدون حراسة بينما الآخرون "تجد الكلاب تسبق مواكبهم". وهذه الدلالات تذكرنا عندما ذهب القائد الفارس حاكم الأهواز الهرمزان بعد أسره لمقابلة سيدنا عمر بن الخطاب ووجده نائماً في ركن من أركان المسجد ويلبس لباساً متواضعاً وقد ظن هذا القائد الفارس الأسير أنه سوف يرى حاكماً كما يظن حال الحكام الذين يحكمهم، ولكنه لم يجد حارساً ولا حاجباً عند عمر.. فقال هذا القائد.. حكمت.. فعدلت.. فأمنت.. فنمت ياعمر.. وأسلم بعد ذلك. ونحن نقول: "حكمت.. فعدلت.. فأمنت.. فسرت يا حمد".